أحكام القرآن (جزء 4)

محمد بن عبدالله ابن عربی؛ محقق: محمد عبدالقادر احمد عطا

نسخه متنی -صفحه : 430/ 405
نمايش فراداده

غفر له ما تقدم من ذنبه ولم يعمه بالطلب لما كان يظنه من التخصيص ورجاء ألا يشق على أمته ثم أنبأه الله بها فخرج ليخبر بها فأنسيها لشغله مع المتخاصمين لكن بقي له من العلم الذي كان أخبر به أنها في العشر الأواخر ثم أخبر في الصحيح أنها في العشر الأواخر وتواطأت روايات الصحابة على أنها في العشر الأواخر كما قال هو واقتضت رؤياه أنها في العشر الأواخر من طريق أبي سعيد الخدري في ليلة إحدى وعشرين ومن طريق عبد الله بن أنيس أنها ليلة ثلاث وعشرين ثم أنبأ عنها بعلامة وهي طلوع الشمس بيضاء لا شعاع لها يعني من كثرة الأنوار في تلك الليلة فوجد ذلك الصحابة ليلة سبع وعشرين ولم تصلح لرؤية ذلك النور لكثرة ظلمة الذنوب فإن رآها أحد من المذنبين فحجة عليه إن مات ونقمة منه إن بقي كما كان ثم خص السبع الأواخر من جملة الشهر فحث على التماسها فيها ثم وجدناها بالرؤيا الحق ليلة إحدى وعشرين في عام ثم وجدناها بالرؤيا الصدق في ليلة ثلاث وعشرين في عام ثم وجدناها بالعلامة الحق ليلة سبع وعشرين فعلمنا أنها تنتقل في الأعوام لتعم بركتها من العشر الأواخر جميع الأيام وخبأها عن التعيين ليكون ذلك أبرك على الأمة في القيام في طلبها شهرا أو أياما فيحصل مع ليلة القدر ثواب غيرها كما خبأ الكبائر في الذنوب وساعة الجمعة في اليوم حسبما قدمناه

فهذه سبل النظر المجتمعة من القرآن والحديث أجمع فتبصروها لمما واسلكوها أمما إن شاء الله تعالى

المسألة الرابعة

من قال لزوجته أنت طالق في ليلة القدر فللعلماء فيه ثلاثة أقوال:

الأول لا تطلق حتى يتم العام من أول يمينه لأنه يحتمل أن تكون ليلة القدر في العام فلا يبطل يقين النكاح بالشك في الطلاق إجماعا من أكثر الأئمة

الثاني إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان طلقت لأنها في شهر رمضان كما ثبت في الآثار ولا يتبين تعيينها إلا بدخول سبع وعشرين فلا يقع يقين الفراق الذي يرتفع به يقين النكاح إلا حينئذ

الثالث أنها تطلق في حين قوله ذلك قاله مالك وليس مبنيا على الطلاق بالشك فإن مالكا لم يطلق قط بشك ولا يرفع الشك عنده اليقين بحال وقد جهل ذلك علماؤنا وقد بيناه في مسائل الفقه وشرح الحديث وإنما تطلق عند مالك بأن من علق طلاق زوجته على أجل آت لا محالة فإنها تطلق الآن لأن الفروج لا تقبل تأقيتا ولذلك أبطل العلماء نكاح المتعة وهذا بمنزلة ما إذا قال لزوجته أنت طالق في شهر قبل ما بعد قبله رمضان وقد بيناه في جزء منفرد وهذا القدر يكفي ها هنا