أحكام القرآن (جزء 4)

محمد بن عبدالله ابن عربی؛ محقق: محمد عبدالقادر احمد عطا

نسخه متنی -صفحه : 430/ 413
نمايش فراداده

أن يخبره فقال أبو بكر خرج يا رسول الله وخرجت بعده فسألته ما أخرجك هذه الساعة قال بل أنت ما أخرجك هذه الساعة فقلت أنا سألتك قبل أن تسألني قال أخرجني الجوع قال فقلت له أخرجني الذي أخرجك فقال رسول الله وأنا أخرجني الذي أخرجكما قال ثم قال رسول الله تعلمان من أحد نضيفه اليوم قالا نعم أبو الهيثم بن التيهان حري إن جئناه أن نجد عنده فضلا من تمر يعالج جنانه هو وامرأته لا يبيعان منه شيئا قال فخرج رسول الله وصاحباه حتى دخلوا الحائط فسلم رسول الله فسمعت أم الهيثم تسليمه ففدته بالأب والأم وأخرجت حلسا لها من شعر فطرحته فجلس عليه فقال رسول الله أين أبو الهيثم قالت ذهب يستعذب لنا من الماء قال فطلع أبو الهيثم بالقرية على رقبته فلما رأى رسول الله بين ظهراني النخل أسندها إلى جذع وأقبل يفدي بالأب والأم فلما رأى وجوههم عرف الذي بهم فقال لأم الهيثم هل أطعمت رسول الله وصاحبيه شيئا فقالت إنما جلس رسول الله الساعة قال فما عندك قالت عندي حبات من شعير قال كركريها واعجني واخبزي إذ لم يكونوا يعرفون الخمير وأخذ شفرة فقال رسول الله إياك وذوات الدر فقال يا رسول الله إنما أريد عناقا في الغنم قال فذبح فلم يلبث أن جاء بذلك إلى رسول الله فأكل رسول الله وصاحباه قال فشبعوا شبعة لا عهد لهم بمبثلها فما مكث رسول الله إلا يسيرا حتى أتي بأسير من اليمن فجاءت فاطمة بنت رسول الله تشكو إليه العمل وتريه يدها وتسأله إياه قال لا ولكن أعطيه أبا الهيثم فقد رأيت ما لقيه هو ومريته يوم ضفناهم قال فأرسل إليه فأعطاه إياه فقال خذ هذا الغلام يعينك على حائطك واستوص به خيرا قال فمكث الغلام عند أبي الهيثم ما شاء الله أن يمكث ثم قال يا غلام لقد كنت مستقلا أنا وصاحبتي بحائطنا اذهب فلا رب لك إلا الله قال فخرج الغلام إلى الشام

وروى عكراش بن ذؤيب قال بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله فقدمت عليه المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار قال ثم أخذ بيدي فانطلق بي إلى بيت أم سلمة فقال هل من طعام فأتينا بجفنة كثيرة

الثريد والودك وأقبلنا نأكل منها فخبطت بيدي في نواحيها وأكل رسول الله من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمنى ثم قال يا عكراش كل من موضع واحد فإنه طعام واحد ثم أتينا بطبق فيه ألوان الرطب أو من عبيد الله شك قال فجعلت آكل من بين يدي وجالت يد رسول الله في الطبق وقال يا عكراش كل من حيث شئت فإنه من غير لون واحد ثم أتينا بماء فغسل رسول الله يديه ومسح ببلل يديه وجهه وذارعيه ورأسه وقال يا عكراش هذا الوضوء مما غيرت النار

وقال القاضي رضي الله عنه فهذا كله يدل على أنه يجوز للمرء أن يتوسع في الطعام ويتلذذ ويسمي الله عز وجل ويحمده ولا يصرف قوته المستفادة بذلك في معصيته فإن سئل وجذبته سعادته فسيوفق للجواب إن شاء الله عز وجل