روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: هو أداء الفرائض، ووجهه أن اللفظ مطلق فيجب أن يعم الكل.
انه الاخلاص وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه: ووجهه أن المقصود من جميع العبادات الاخلاص، كما قال:
(وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (البينة: 5)
قال أبو العالية: هو الهجرة.
أنه الجهاد وهو قول الضحاك ومحمد بن إسحاق، قال: لأن من قوله: (وإذ غدوت من أهلك) (آل عمران: 121)
إلى تمام ستين آية نزل في يوم أحد فكان كل هذه الأوامر والنواهي مختصة بما يتعلق بباب الجهاد.
قال سعيد بن جبير: انها التكبيرة الأولى.
قال عثمان: انها الصلوات الخمس.
قال عكرمة: إنها جميع الطاعات. لأن اللفظ عام فيتناول الكل.
قال الأصم: سارعوا، أي بادروا إلى التوبة من الربا والذنوب، والوجه فيه أنه تعالى نهى أولا عن الربا، ثم قال: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) فهذا يدل على أن المراد منه المسارعة في ترك ما تقدم النهي عنه، والأولى ما تقدم من وجوب حمله على أداء الواجبات والتوبة عن جميع المحظورات، لأن اللفظ عام فلا وجه في تخصيصه، ثم أنه تعالى بين أنه كما تجب المسارعة إلى المغفرة فكذلك تجب المسارعة إلى الجنة، وإنما فصل بينهما لأن الغفران معناه إزالة العقاب، والجنة معناها إيصال الثواب، فجمع بينهما للأشعار بأنه لا بد للمكلف من تحصيل الأمرين، فأما وصف الجنة بأن عرضها السماوات: فمعلوم أن ذلك ليس بحقيقة لأن نفس السماوات لا تكون عرضا للجنة، فالمراد كعرض السماوات والأرض وههنا سؤالات.
ما معنى أن عرضها مثل عرض السماوات والأرض وفيه وجوه:
أن المراد لو جعلت السماوات والأرضون طبقا طبقا بحيث يكون كل واحدة من تلك الطبقات سطحا مؤلفا من أجزاء لا تتجزأ، ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض الجنة، وهذا غاية في السعة لا يعلمها إلا الله.
أن الجنة التي يكون عرضها مثل عرض السماوات والأرض إنما تكون للرجل الواحد لأن الانسان إنما يرغب فيما يصير ملكا، فلا بد وأن تكون الجنة المملوكة لكل واحد مقدارها هذا.
قال أبو مسلم: وفيه وجه آخر وهو أن الجنة لو عرضت بالسموات والأرض على سبيل البيع لكانتا ثمنا للجنة، تقول إذا بعت الشيء بالشيء الآخر: عرضته عليه وعارضته به، فصار العرض يوضع موضع المساواة بين الشيئين في القدر، وكذا أيضا معنى القيمة لأنها مأخوذة من مقاومة الشيء بالشيء حتى يكون كل واحد منهما مثلا للآخر.