تفسير الرازي (جزء 32)

محمد بن عمر فخر رازی

نسخه متنی -صفحه : 196/ 95
نمايش فراداده

إنها عليهم مؤصدة

أما قوله تعالى: (إنها عليهم مؤصدة) فقال الحسن: (مؤصدة) أي مطبقة من أصدت الباب وأوصدته لغتان، ولم يقل: مطبقة لأن المؤصدة هي الأبواب المغلقة، والإطباق لا يفيد معنى الباب.

واعلم أن الآية تفيد المبالغة في العذاب من وجوه أحدها: أن قوله: (لينبذن) يقتضي أنه موضع له قعر عميق جدا كالبئر وثانيها: أنه لو شاء يجعل ذلك الموضع بحيث لا يكون له باب لكنه بالباب يذكرهم الخروج، فيزيد في حسرتهم وثالثها: أنه قال: (عليهم مؤصدة) ولم يقل: مؤصدة عليهم لأن قوله: (عليهم مؤصدة) يفيد أن المقصود أولا كونهم بهذه الحالة، وقوله مؤصدة عليهم لا يفيد هذا المعنى بالقصد الأول.

فى عمد ممددة

أما قوله تعالى: (في عمد ممددة)

ففيه مسائل

المسألة الأولى

قرىء في عمد بضمتين وعمد بسكون الميم وعمد بفتحتين، قال الفراء: عمد وعمد وعمد مثل الأديم والإدم والأدم والإهاب والأهب والأهب، والعقيم والعقم والعقم وقال المبرد وأبو علي: العمد جمع عمود على غير واحد؛ أما الجمع على واحد فهو العمد مثل زبور وزبر ورسول ورسل.

المسألة الثانية

العمود كل مستطيل من خشب أو حديد، وهو أصل للبناء، يقال: عمود البيت للذي يقوم به البيت.

المسألة الثالثة

في تفسير الآية وجهان الأول: أنها عمد أغلقت بها تلك الأبواب كنحو ما تغلق به الدروب، وفي بمعنى الباء أي أنها عليهم مؤصدة بعمد مدت عليها، ولم يقل: بعمد لأنها لكثرتها صارت كأن الباب فيها والقول الثاني: أن يكون المعنى: (إنها عليهم مؤصدة) حال كونهم موثقين: (في عمد ممدة) مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص، اللهم أجرنا منها يا أكرم الأكرمين.