تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 195
نمايش فراداده

سورة حم عسق (الشورى)

تفسير سورة الشورى من آية 1 - 8

بسم الله الرحمن الرحيم

(حم عسق) أي: الحق ظهر بمحمد ظهور علمه بسلامة قلبه، فالحق محمد ظاهرا وباطنا، والعلم سلامة قلبه عن النقص والآفة أي: كماله وبروزه عن الححاب إذ تجرد القلب ظهور العلم (كذلك) مثل ذلك الظهور على مظهرك وظهور علمه على قلبك (يوحي إليك وإلى الذين من قبلك) من الأنبياء (الله) الموصوف بجميع صفاته (العزيز) المتمنع بسرادقات جلاله وستور صفاته (الحكيم) الذي يظهر كماله بحسب الاستعدادات ويهدي بالوسايط والمظاهر جميع العباد على وفق قبول الاستعداد.

(له ما في السماوات وما في الأرض) كلها مظاهر صفاته وصور مملكته ومحال أفعاله (وهو العلي) عن التقيد بصورها والتعين بأعيانها (العظيم) الذي تضاءلت وتصغرت في سلطانه وتلاشت وتفانت في عظمته (تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن) لتأثرهن من تجليات عظمته ويتلاشين من علو قهره وسلطنته (والملائكة) من العقول المجردة والنفوس المدبرة (يسبحون) ذاته بتجرد ذواتهم حامدين له بكمالات صفاتهم (ويستغفرون لمن في الأرض) بإفاضة الأنوار على أعيانهم ووجوداتهم بعد استفاضتهم إياها من الحضرة الأحدية (ألا إن الله هو الغفور) بستر ظلمات ذوات الكل من الملائكة والناس بنور ذاته (الرحيم) بإفاضة الكمالات بتجليات صفاته على وجوداتهم لا غيره.

(ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) كلهم على الفطرة موحدين بناء على القدرة ولكن بنى أمره على الحكمة فجعل بعضهم موحدين عادلين وبعضهم مشركين ظالمين كما قال: (ولا يزالون مختلفين) [هود، الآية: 118] لتتميز المراتب وتتحقق السعادة والشقاوة وتمتلئ الدنيا والآخرة والجنة والنار ويحصل لكل أهل ويستتب النظام ويحدث الانتظام.