تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 217
نمايش فراداده

تفسير سورة الجاثية من آية 23 - 35

(أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) الإله المعبود ولما أطاعوا الهوى فقد عبدوه وجعلوه إلها، إذ كل ما يعبده الإنسان بمحبته وطاعته فهو إلهه ولو كان حجرا (وأضله الله) عالما بحاله من زوال استعداده وانقلاب وجهه إلى الجهة السفلية أو مع كون ذلك العابد للهوى عالما بعلم ما يجب عليه فعله في الدين على تقدير أن يكون على علم حالا من الضمير المفعول في (أضله الله) لا من الفاعل وحينئذ يكون الإضلال لمخالفته علمه بالعمل وتخلف القدم عن النظر لتشرب قلبه بمحبة النفس وغلبة الهوى كحال بلعام بن باعورا وأضرابه كما قال عليه السلام: '''''''' كم من عالم ضل ومعه علمه لا ينفعه '''''''' أو على علم منه غير نافع، لكونه من باب الفضول لا تعلق له بالسلوك (وختم على سمعه وقلبه) بالطرد عن باب الهدى والإبعاد عن محل سماع كلام الحق وفهمه لمكان الرين وغلظ الحجاب (وجعل على بصره غشاوة) عن رؤية جماله وشهود لقائه (فمن يهديه من بعد الله) إذ لا موجود سواه يقوم بهدايته (أفلا تذكرون) أيها الموحدون (ما هي إلا حياتنا الدنيا) أي: الحسية (نموت) بالموت البدني الطبيعي (ونحيى) الحياة الجسمانية الحسية لا موت ولا حياة غيرهما ولا ينسبون ذلك إلا إلى الدهر لاحتجابهم عن المؤثر الحقيقي القابض للأرواح والمفيض للحياة على الأبدان.

(قل الله يحييكم ثم يميتكم) لا الدهر (ثم يجمعكم) إليه بالحياة الثانية عند البعث، أو الله يحييكم لا الدهر بالحياة الأبدية القلبية بعد الحياة النفسانية ثم يميتكم بالفناء فيه ثم يجمعكم إليه بالبقاء بعد الفناء والوجود الموهوب لتكونوا به معه.

(ولله ملك السماوات والأرض) لا مالك غيره في نظر الشهود (ويوم تقوم) القيامة الكبرى (يخسر) الذين يثبتون الغير إذ كل ما سواه باطل ومن أثبته واحتجب به عنه مبطل.

تفسير سورة الجاثية من آية 28 - 37

(وترى) يا موحد (كل أمة جاثية) لا حراك بها إذ هي بنفسها ميتة غير قادرة كما قال: (إنك ميت وإنهم ميتون) [الزمر، الآية: 30] أو تراها جاثية في الموقف الأول وقت البعث قبل الجزاء على حالها في النشأة الأولى عند الاجتنان وفيه سر.