تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 314
نمايش فراداده

سورة المعارج

تفسير سورة المعارج من آية 1 - 14

بسم الله الرحمن الرحيم

(ذي المعارج) أي: المصاعد وهي مراتب الترقي من مقام الطبائع إلى مقام المعادن بالاعتدال، ثم إلى مقام النبات، ثم إلى الحيوان، ثم إلى الإنسان في مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض، ثم في منازل السلوك كالانتباه واليقظة والتوبة والإنابة إلى آخر ما أشار إليه أهل السلوك من منازل النفس ومناهل القلب، ثم في مراتب الفناء في الأفعال والصفات إلى الفناء في الذات مما لا يحصى كثرة. فإن له تعالى بإزاء كل صفة مصعدا بعد المصاعد المتقدمة على مقام الفناء في الصفاء.

(تعرج الملائكة) من القوى الأرضية والسماوية في وجود الإنسان (والروح) الإنساني إلى حضرته الذاتية الجامعة في القيامة الكبرى (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) أي: في الأدوار المتطاولة والدهور المتمادية من الأزل إلى الأبد لا المقدار المعين. ألا ترى إلى قوله في مثل هذا المقام في عروج الأمر: (ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) [السجدة، الآية: 5].

(فاصبر صبرا جميلا) فإن العذاب يقع في هذه المدة المتطاولة يوم (يرونه) لاحتجابهم عنه (بعيدا ونراه قريبا) حاضرا واقعا يتوهمه المحجوبون متأخرا إلى زمان منتظر لغيبتهم عنه ونحن نراه حاضرا.

(يوم تكون) سماء النفس الحيوانية متذائبة متفانية (كالمهل) على ما مر في قوله: (وردة كالدهان) [الرحمن، الآية: 37] (وتكون) جبال الأعضاء هباء منبثا على اختلاف ألوانها (كالعهن * ولا يسئل حميم حميما) لشدة الأمر وتفاقهم الخطب وتشاغل كل أحد بما ابتلي به من هيئات نفسه وأهوال ما وقع فيه مع ترائيهم.