تفسير ابن عربي (جزء 2)

محمد بن علی ابن عربی؛ محقق: عبد الوارث محمد علی

نسخه متنی -صفحه : 400/ 393
نمايش فراداده

سورة الماعون

تفسير سورة الماعون من آية 1 - 3

بسم الله الرحمن الرحيم

(أرأيت الذي يكذب بالدين) أي: هل عرفت الجاهل المحجوب عن الجزاء من هوان لم تعرفه (فذلك) هو المرتكب جميع أصناف الرذائل، المنهمك فيها لأن الجهل والاحتجاب الذي هو رذيلة القوة النطقية أصل جميعها (الذي يدع اليتيم) يؤذي الضعيف ويدفعه بعنف وخشونة لاستيلاء النفس السبعية وإفراطها (ولا يحض) أهله (على طعام المسكين) ويمنع المعروف عن المستحق لاستيلاء النفس البهيمية ومحبة المال واستحكام رذيلة البخل في نفسه.

تفسير سورة الماعون من آية 4 - 7

(فويل) لهم: أي: للموصوفين بهذه الصفات الذين إن صلوا غفلوا عن صلاتهم لاحتجابهم عن حقيقتها بجهلهم وعدم حضورهم، والمصلين من باب وضع الظاهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بأن أشرف أفعالهم وصور حسناتهم سيئات وذنوب لعدم ما هي به معتبرة من الحضور والإخلاص. وأورد على صيغة الجمع لأن المراد بالذي يكذب هو الجنس.

(الذين هم يراؤون) لاحتجابهم بالخلق عن الحق (ويمنعون الماعون) الذي يعان به الخلق ويصرف في معونتهم من الأموال والأمتعة وكل ما ينتفع به لكون الحجاب حاكما عليهم بالاستئثار بالمنافع وحرمانهم عن النظر التوحيدي واحتجابهم بالمطالب الجزئية عن الكلية وعدم اعتقادهم بالجزاء، فلا محبة لهم للحق للركون إلى عالم التضاد والهبوط إلى طبيعة الكون والفساد والاحتجاب عن حقيقة الاتحاد ولا عدالة في أنفسهم للاتصاف بالرذائل والبعد عن الفضائل ولا خوف ولا رجاء لغفلتهم عن الكمال والجهل بالمعاد فلا يعاونون أحدا فلن يفلحوا أبدا، والله أعلم.