إنصاف فيما تضمنه الكشاف (جزء 4)

احمد بن محمد ابن منیر

نسخه متنی -صفحه : 95/ 38
نمايش فراداده

القول في سورة التغابن

(بسم الله الرحمن الرحيم)

قوله تعالى (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) قال فيه (معناه: فمنكم آت بالكفر وفاعل له ومنكم آت بالإيمان الخ) قال أحمد: لقد ركب عمياء وخبط خبط عشواء واقتحم وعرا السالك فيه هالك والغابر فيه عاثر، وإنما ينصب إلى مهاوى الأراك ويحوم حول مراتع الإشراك ويبحث ولكن على حتفه بظلفه، ويتحذق وما هو إلا يتشدق ويتحقق وما هو إلا يتعسق، وهب أنه أعرض عن الأدلة العقلية والنصوص النقلية المتظافرة على أن الله تعالى خالق كل شئ واطرد له في الشاهد ما ادعاه ومن مذهبه قياس الغائب على الشاهد قد التجأ إلى الاعتراف بأن الله خالق العبد الفاعل للقبيح، وأن خلق العبد الفاعل للقبيح بمثابة إعطاء السيف الباتر للرجل الفاجر، وأن هذا قبيح شاهدا ولا يلزم أن يكون مثله قبيحا في خلق الله تعالى، أفلا يجوز أن يكون منطويا على حكمة استأثر الله تعالى بعلمها فما يؤمنه من دعوى أن أفعال العبد وإن استقبحها العقلاء مخلوقه لله تعالى وفى خلقها حكمة استأثر الله بعلمها، وهل الفرق إذا إلا عين التحكم ونفس اتباع الهوى هذا ودون تمكنه من اتباع هذه القواعد أن يمكن من القتاد اختراط ومن الجمل أن يلج في سم الخياط.

قوله تعالى (واستغنى الله) قال فيه (أطلقه ليتناول كل شئ ثم قال: فإن قلت: كان التولي فيهم الخ) قال أحمد: إنما الحق أنه لم يخلق لهم إيمانا ولا قدرة عليه، فكان قادرا أن يخلق لهم الإيمان والقدرة عليه، وإنما حرفها الزمخشري إلى قاعدته.