قوله تعالى (قتل الانسان ما أكفره) إلى قوله (ثم شققنا الأرض شقا) دعاء عليه وهو من أشنع دعائهم الخ قال أحمد: ما رأيت كاليوم قط عبدا ينازع ربه، الله تعالى يقول: ثم شققنا، فيضيف فعله إلى ذاته حقيقة كما أضاف بقية أفعاله من عند قوله - من نطفة خلقه - وهلم جرا. والزمخشري يجعل الإضافة مجازية من باب إسناد الفعل إلى سببه، فيجعل إضافة الفعل إلى الله تعالى من باب إضافة الشق إلى الحراث لأنه السبب، قتل القدري ما أكفره على قول وما أضله على آخر، وإذا جعل شق الأرض مضافا إلى الحراث حقيقة وإلى الله مجازا فما يمنعه أن يجعل الحراث هو الذي صبب الماء وأنبت الحب والعنب والقضب حقيقة، وهل هما إلا واحد؟ عاد كلامه، في قوله (يوم يفر المرء من أخيه) الآية نقل في التفسير أن أول من يفر من أخيه هابين وأول من يفر من أبويه إبراهيم وأول من يفر من صاحبته نوح ولوط وأول من يفر من ابنه نوح.
(بسم الله الرحمن الرحيم)
قوله تعالى (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) ثم تعرض في تفسيره للعامل الخ. قال أحمد: هذا الجواب لا يستمر لأجل ظهور الفعل الثاني في قوله فلا أقسم بالخنس، ولما أعضل الجواب عن هذا السؤال في سورة التكوير التزم الشيخ أبو عمرو بن الحاجب إجازة العطف على عاملين، واتخذ هذه الآية وزره ومعتضده في مخالفة سيبويه، ورد على الزمخشري جوابه في سورة - والشمس وضحاها - لأنه لم يطرد له ههنا، وكان على رده يستحسن تيقظ فطنته في استنباطه، ونحن، والله الموفق، نلتزم مذهب سيبويه في امتناع العطف على عاملين في جعل الواو الثانية عاطفة، ويجرى جواب الزمخشري ههنا وينفصل عن هذه الآية فنقول قوله - والليل إذا عسعس - هذه الواو الأولى ابتداء قسم، والواو في قوله - والصبح إذا تنفس - عاطفة فيطرد ما قال الزمخشري. فإن قيل: فقد خالفتم سيبويه فإنه لا يرى الواو المتعقبة للقسم ابتداء قسم بل عاطفة، وقد جعلتم الواو الأولى وهى متعقبة للقسم ابتداء قسم.