التجلد على المصائب وكظم الحزن مندوب وليس بواجب، وترك المندوب ليس بمعصية، على أن يعقوب عليه السلام إنما أبدل من الحزن اليسير من الكثير، وكان ما يعتبر عليه أكثر وأوسع مما أظهره *
أن يعقوب عليه السلام كان يعلم برؤيا يوسف أن أمره يفضي إلى العاقبة الحسنة في الدنيا والدين، فلم لم يتسل بذلك على حزنه؟
أن علمه بذلك لا يدفع الحزن الحاصل بسبب المفارقة، على أن يوسف عليه السلام كان حين رأى تلك الرؤيا صبيا فلا جرم لم يقطع يعقوب عليه السلام بصحته *
أنه صبر على الرق ولم يبين الحرية التي فيه وذلك معصية:
فلعله لم يكن نبيا في تلك الحالة، ولما خاف على نفسه القتل جاز أن يصبر على الرق. ومن ذهب إلى هذا الوجه حمل قوله تعالى (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا) على وقت آخر
أن إظهار الحرية أمر يجوز أن يختلف باختلاف الشرائع، فلعله أمر بالسكوت عنه امتحانا، كما امتحن أبويه بنمرود والذبح (1)
لعله عليه السلام أخبرهم بذلك إلا أنهم لم يلتفتوا إليه *
تمسكوا بقوله تعالى حاكيا عن يوسف وامرأة العزيز (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) *
(1) أي ذبح ولده إسماعيل لا إسحاق