وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (جزء 7)

احمد بن محمد ابن خلکان؛ محقق: احسان عباس

نسخه متنی -صفحه : 255/ 237
نمايش فراداده

ورأيت له أيضا كتاب الحماسة في مجلدين وقد قرئت النسخة عليه وعليها خطه كتبه في أواخر شهر ربيع الآخر سنة خمسين وستمائة وقال في آخر الكتاب وكان الفراغ من تأليفه وترتيبه بمدينة تونس حرسها الله تعالى في شوال سنة ست وأربعين وستمائة ونقلت من أوله بعد الحمدلة ما مثاله أما بعد فإني قد كنت في أوان حداثتي وزمان شبيبتي ذا ولوع بالأدب ومحبة في كلام العرب ولم أزل متتبعا لمعانيه ومفتشا عن قواعده ومبانيه إلى أن حصلت لي جملة منه لا يسع الطالب المجتهد جهلها ولا يصلح بالناظر في هذا العلم إلى أن يكون عنده مثلها وحملتني المحبة في ذلك العلم والولوع به على أن جمعت مما اخترته واستحسنته من أشعار العرب جاهليها ومخضرميها وإسلاميها ومولدها ومن اشعار المحدثين من أهل المشرق والأندلس وغيرهم ما تحسن به المحاضرة وتجمل عليه المناظرة ثم إني رأيت أن بقاءها دون أن تدخل تحت قانون يجمعها وديوان يؤلفها مؤذن بذهابها ومؤد إلى فسادها فرأيت أن اضم مختارها وأجمع مستحسنها تحت أبواب تقيد نافرها وتضم نادرها ونظرت في ذلك فلم أجد أقرب تبويب ولا أحسن ترتيب مما بوبه ورتبه أبو تمام حبيب بن أوس رحمه الله تعالى في كتابه المعروف بكتاب الحماسة وحسن الاقتداء به والتوخي لمذهبه لتقدمه في هذه الصناعة وانفراده منها بأوفر حظ وأنفس بضاعة فاتبعت في ذلك مذهبه ونزعت منزعه وقرنت الشعر بما يجانسه ووصلته بما يناسبه ونقحت ذلك واخترته على قدر استطاعتي وبلوغ جهدي وطاقتي قلت وأطال القول بعد هذا بما لا حاجة بنا إلى ذكره ونقلت منه شيئا فمن ذلك ما ذكره في باب المراثي قال أبو علي القالي البغدادي أنشدنا أبو بكر ابن دريد قال أنشدنا أبو حاتم السجستاني: