أنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية
عباس قمی
نسخه متنی
نمايش فراداده
الأنوار البهية في تواريخ الحجج الإلهية
تأليف: الشيخ عباس القمي
تفهرست الموضوعات
1في ولادة مولانا الامام صاحب الزمان
2في ذكر بعض النصوص عليه
3في ذكر طرف من دلائل صاحب الزمان وبيناته وآياته
4في ذكر من رآه
5في التمحيص والنهي عن التوقيت
6في فضل انتظار الفرج
7في ذكر علة غيبته
8في علامات ظهوره
9في ظهور القائم
10في مسيره اذا ظهر
11في صفاته
12مسيرته واحكامه عند قيامه
******************
في ولادة مولانا الامام صاحب الزمان
ولد عليه السلام بسر من راي في ليله النصف من شعبان سنه خمس وخمسن ومائتين.(1)
امه عليه السلام مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وامها من ولد الحواريين، تنسب الى شمعون وصي المسيح عليه السلام، ولما اسرت، سمت نفسها نرجس، لئلا يعرفها الشيخ الذي وقعت اليه.(2)
ولما اعتراه من النور والجلاء بسبب الحمل المنور سميت صقيلا.(3)
واما كيفيه الولاده: فروي عن حكيمه بنت ابي جعفر الجواد عليه السلام، قالت: بعث الى ابو محمد الحسن بن علي عليهما السلام، فقال: يا عمه اجعلي افطارك الليله عندنا فانها ليله النصف من شعبان، فان الله تبارك وتعالي سيظهر في هذه الليله الحجه، وهو حجته في ارضه، قالت: فقلت له: ومن امه؟ قال لي: نرجس، قلت له: جعلني الله فدك ما بها اثر، هو ما اقول لك، قالت: فجئت فلما سلمت وجلست، جاءت تنزع خفي، وقالت لي: يا سيدتي كيف امسيت؟ قللت: بل انت اسيدتي وسيده اهلي، قالت: فانكرت قولي، وقالت: ما هذا يا عمه؟ قالت: فقلت لها: يا بنيه انالله تبارك وتعالي سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والاخره، قالت: فجلست(4) واستحت(5)، فلما ان فرغت من صلاه العشاء الاخره افطرت واخذت مضجعي فرقدت.
فلما ان كان في جوف الليل قمت الى الصلاه ففرغت من صلاتي وهي نائمه ليس بها حادث، ثم جلست معقبه، ثم اضطجعت، ثم انتهبت فزعه وهي راقده، ثم قامت فصلت (ونامت).(6)
قالت حكيمه: (وخرجت اتفقد الفجر فاذا انا بالفجر الاول كذنب السرحان وهي نائمه)(7) فدخلتني الشكوك، فصاح بي ابو محمد عليه السلام من المجلس، فقال: لا تعجلي يا عمه فانالامر قد قرب، قالت: (فجلست)(8) وقرات الم السجده ويس، فبينما انا كذلك اذ انتبهت فزعه، فو ثبت اليها، فقلت: اسم الله عليك، ثم قلت لها: اتحسين شيئا؟ قالت: نعم يا عمه، فقلت لها: اجمعي نفسك، واجمعي قلبك، فهو ما قلت لك.
قالت حكيمه: ثم اخذتني فتره واخذتها فتره، فانتبهت بحس سيدي، فكشفت الثوب عنه فاذا انا به عليه السلام ساجدا يتلقي الارض بمساجده، فضممته الى فاذا انا به نظيف منظف، فصاح بي ابو محمد عليه السلام: هلمي ال ابني يا عمه، فجئت به اليه، فوضع يديه تحت اليتيه وظهره، ووضع قدميه علي صدره، ثم ادلي لسانه في فيه وامر يده علي عينيه وسمعه ومفاصله، ثم قال: تكلم يا بني، فقال: اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، واشهد ان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله، ثم صلي علي امير المؤمنين وعلي الائمه عليهم السلام الى ان وقف علي ابيه ثم احجم، قال ابو محمد عليه السلام: يا عمه اذهبي به الى امه ليسلم عليها، واثتني به، فذهبت به فسلم عليها ورددته ووضعته في المجلس، ثم قال يا عمه: اذا كان يوم السابع فاتينا، قالت حكيمه: فلما اصبحت جئت لاسلم علي ابي محمد عليه السلام فكشفت الستر لاتفقد سيدي عليه السلام، فلم اره، فقلت له: جعلت فدك، ما فعل سيدي؟ فقال: يا عمه استودعناه الذي استودعته ام موسي عليه السلام.
قالت حكيمه: فلما كان في اليوم السابع جئت وسلمت وجلست، فقال: هلمي الى ابني، فجئت بسيدي عليه السلام في الخرقه، ففعل به كفعلته الاولي، ثم ادلي لسانه في فيه كانه يغذيه لبنا او عسلا، ثم قال: تكلم يا بني، فقال: اشهد ان لا اله الا الله وثني بالصلاه علي محمد وعلي اميرالمؤمنين والائمه صلوات الله عليهم اجمعين حتى وقف علي ابيه عليه السلام، ثم تلاهذه الايه 7 بسم الله الرحمن الرحيم (ونريد ان نمن علي الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمه ونجعلهم الوارثين - ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون)(9)،(10)
وفي روايه اخري فلما كان بعد اربعين يوما دخلت علي ابي محمد عليه السلام: فاذا مولانا الصاحب عليه السلام يمشي في الدار، فلم اروجها احسن من وجهه ولا لغه افصح من لغته، فقال ابو محمد عليه السلام: هذا المولود الكريم علي الله عز وجل، فقلت: سيدي اري من امره ما اري وله اربعون يوما، فتبسم وقال: يا عمتي اما علمت انا معاشر الائمه ننشا في اليوم ما ينشا غيرنا في السنه فقمت فقبلت راسه وانصرفت، ثم عدت وتفقدته فلم اره، فقلت لابي محمد عليه السلام: ما فعل مولانا؟ فقال: يا عمه استودعناه الذي استودعت ام موسي.(11)
وروي عن محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه قال: لما ولد الخلف المهدي صلوات الله عليه سطح نور من فوق راسه الى عنان السماء، ثم سقط لوجهه ساجدا لربه تعالي ذكره، ثم رفع راسه وهو يقول: اشهد ان لا اله الا هو، والملائكه واولو العلم، قائما بالقسط، لا اله الا هو العزيز الحكيم، ان الدين عند الله الاسلام، قال: وكان مولده ليله الجمعه.(12)
وقال: ولد (السيد)(13) عليه السلام مختونا، وسمعت حكيمه تقول: لم تر بامه دما في نفاسها، وهذا (14) سبيل امهات الائمه عليهم السلام.(15)
وروي عن جاريه لابي محمد عليه السلام، قالت: لما ولد السيد رايت له نورا ساطعا قد ظهر منه وبلغ افق السماء، ورايت طيورا بيضاء تهبط من السماء، وتمسح اجنحتها علي راسه ووجهه وسائر جسده، ثم تطير، فاخبرنا ابا محمد عليه السلام بذلك، فضحك، ثم قال: تلك ملائكه السماء نزلت لتتبرك به، وهي انصاره اذا خرج.(16)
وروي عن ابي جعفر العمري رضي الله عنه، قال: لما ولد السيد عليه السلام، قال ابو محمد عليه السلام: ابعثوا الى ابا عمرو،(17) فبعث اليه، فقال له: اشتر عشره آلاف رطل خبزا، وعشره آلاف رطل لحما، وفرقه احسبه قال: علي بني هاشم، وعق عنه بكذا وكذا شاه.(18)
وعن نسيم الخادم، قالت: دخلت علي صاحب الزمان عليه السلام بعد مولده بليله(19)، فعطست عنده، فقال لي: يرحمك الله، قالت نسيم: ففرحت بذلك، فقال لي عليه السلام: الا ابشرك في العطاس؟ فقلت: بلي، هو امان من الموت ثلاثه ايام.(20)
وروي انه ورد من ابي محمد عليه السلام علي احمد بن اسحاق كتاب، واذا فيه مكتوب بخط يده عليه السلام الذي كان يرد به التوقيعات عليه وفيه: ولد المولود فليكن عندك مستورا، وعن جميع الناس مكتوما، فانا لم نظهر عليه الا الاقرب لقرابته، والمولي(21) لولايته، احببنا اعلامك ليسرك الله به كما (22) سرنا به، والسلام.(23)
فروي: انه كان بقم منجم يهودي موصوف بالحذق بالحساب، فاحضره احمد بن اسحاق، وقال له: قد ولد مولود في وقت كذا وكذا، فخذ الطالع واعمل له ميلادا، قال: فاخذ الطالع ونظر فيه وعمل عملا له.
وقال لاحمد بن اسحاق: لست اري النجوم تدلني فيما يوجبه الحساب ان هذا المولود لك، ولايكون مثل هذا المولود الا نبيا او وصي نبي، وان النظر ليدل علي انه يملك الدنيا شرقا وغربا وبرا وبحرا وسهلا وجبلا، حتى لايبقي علي وجه الارض احد الا دان بدينه، وقال بولايته.(24)
وروي عن طريف ابي نصر الخادم، قال: دخلت علي صاحب الزمان عليه السلام (وهو في المهد)(25)، فقال لي: علي بالصندل الاحمر، فاتيته به، فقال: اتعرفني؟ قلت: نعم (وهو في المهد)(26)، فقال لي: علي بالصندل الاحمر، فاتيته به، فقال: اتعرفني؟ قلت: نعم (فقال: من انا؟ فقلت)(27): انت سيدي وابن سيدي، فقال: ليس عن هذا سالتك، فقلت: فسر لي، فقال: انا خاتم الاوصياء، وبي يرفع الله عز وجل البلاء عن اهلي وشيعتي.(28)
وفي اثبات الوصيه: وروي عن ابي محمد عليه السلام انه قال: لما ولد الصاحب عليه السلام بعث الله عز وجل ملكين فحملاه الى سرادق العرش حتى وقف بين يدي الله، فقال له: مرحبا بك، وبك اعطي وبك اعفو وبك اعذب، ثم روي مسندا عن نسيم وماريه، قالتا: لما خرج صاحب الزمان عليه السلام من بطن امه، سقط جاثيا علي ركبتيه، رافعا سبابته نحو السماء، ثم عطس، فقال: الحمد لله رب العالمين وصلي الله علي محمد وآله، عبد داخر لله، غير مستنكف ولا مستكبر، ثم قال: زعمت الظلمه ان حجه الله داحضه، ولو اذن لنا في الكلام زال الشك.(29)
في ذكر بعض النصوص عليه
الشيخ الصدوق باسناده عن جابر الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول: لما انزل الله عز وجل علي نبيه صلى الله عليه وآله وسلم (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم)(30) قلت: يا رسول الله عرفنا الله ورسوله، فمن اولو الامر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: هم خلفائي يا جابر، وائمه المسلمين بعدي، اولهم علي بن ابي طالب، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي ابن الحسين، ثم محمد بن علي المعروف في التوراه بالباقر، وستدركه يا جابر، فاذا لقيته فاقرئه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمد بن علي، ثم علي بن منحمد، ثم الحسن بن علي، ثم سميي وكنيي حجه الله في ارضه، وبقيته في عباده، ابن الحسن بن علي، ذك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الارض ومغاربها، ذك الذي يغيب عن شيعته واوليائه غيبه لايثبت فيها علي القول بامامته الا من امتحن الله قلبه للايمان، قال:
فقال جابر: يا رسول الله فهل ينتفع الشيعه به في غيبته؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: اي والذي بعثني بالنبوه، انهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وان جللها السحاب، يا جابر: هذا مكنون سر الله، ومخزون علمه فكتمه الا عن اهله.(31)
وباسناده عن الصادق عن ابيه عن آبائه عن اميرالمؤمنين عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لما اسري بي الى السماء اوحي الى ربي جل جلاله، فقال: يا محمد اني اطلعت الي(32) فاطمه والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم علي الملائكه، فمن قبلها كان عندي من المقربين، يا محمد لو ان عبدا عبدني حتى نيقطع ونيصير كالشن البالي، ثم اتاني جاحدا لولايتهم ما اسكنته جنتي، ولا اظلته تحت عرشي، يا محمد اتحب ان تراهم؟ قلت: نعم يا رب، قال عز وجل: ارفع راسك، فرفعت راسي فاذا انا بانوار علي وفاطمه والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسي بن جعفر، وعلي بن موسي، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجه(33) بن الحسن القائم في وسطتهم كانه كوكب دري.
قلت: يا رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الائمه، وهذا القائم الذي يحل(34) حلالي ويحرم حرامي، وبه انتقم من اعدائي، وهو راحه لاوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزي طريين فيحرقهما، فلفتنه الناس بهما - يومئذ- اشد من فتنه العجل والسامري.(35)
وروي صاحب كفايه الاثر، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ان الله تبارك وتعالي اطلع الى الارض اطلاعه فاختارني منها فجعلني نبيا، ثم اطلع الثانيه فاختار منها عليا فجعله اماما، ثم امرني ان اتخذه اخا ووصيا وخليفه ووزيرا، فعلي مني وانا من علي، وهو زوج ابنتي وابو سبطي الحسن والحسين، الا وان الله تبارك وتعالي جعلني واياهم حججا علي عباده، وجعل من صلب الحسين عليه السلام ائمه يقومون(36) بامري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم اهل بيتي، ومهدي امتي، اشبه الناس بي في شمائله واقواله وافعاله، ليظهر بعد غيبه طويله وحيره مضله، فيعلي(37) امر الله، ويظهر دين الله(38)، ويويد بنصر الله وينصر بملائكه الله، فيملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا.(39)
وباسناده عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الشكاه(40) التي قبض فيها، فاا فاطمه عند راسه، قال فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طرفه اليها، فقال: حبيبتي فاطمه ما الذي يبكيك؟ قالت: اخشي الضيعه من بعدك (يا رسول الله)(41)، قال: يا حبيبتي لا تبكي(42)، فنحن اهل بيت قد اعطانا الله سبع خصال لم يعطها احدا قبلنا، ولا يعطيها احدا بعدنا، منا (43) خاتم النبيين واحب المخلوقين الى الله عز وجل، وهو انا ابوك، ووصينا (44) خير الاوصياء واحبهم (الي الله عز وجل)(45) وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء واحبهم الى الله عز وجل وهو عمك، ومنا من له جناحان في الجنه يطير بهما مع الملائكه وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامه وهما ابنك الحسن والحسين، وسوف يخرج الله من صلب الحسين تسعه من الائمه، امناء معصومين، ومنا مهدي هذه الامه، اذا صارت الدنيا هرجا ومرجا، وتظاهرت الفتن، وتقطعت السبل، واغار بعضهم علي بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغير يوقر كبيرا، فيبعث الله عز وجل، عن ذلك مهدينا، التاسع من صلب الحسين عليه السلام، يفتح حصون الضلاله، وقلوبا غفلا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في اول الزمان، ويملا الارض عدلا كما ملئت جورا.(46)
وباسناده عن محمود بن لبيد، قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت فاطمه صلوات الله عليها تاتي قبور الشهداء، وتاتي قبر حمزه وتبكي هنك، فلما كان في بعض الايام اتيت قبر حمزه رحمه الله فوجدتها سلام الله عليها تبكي هنك، فامهلتها حتى سكنت، فاتيتها وسلمت عليها، وقلت: يا سيده النساء قد والله قطعت انياط قلبي من بكائك، فقالت: يا ابا عمر(47) ويحق لي البكاء، فلقد اصبت بخير الاباء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واشوقاه الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم انشات عليها السلام تقول:
اذا مات يوما ميت قل ذكره وذكر ابي مذ مات والله كثر
قلت: يا سيدتي اني سائلك عن مساله تتلجلج في صدري، قالت: سل، قلت: هل نص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل وفاته علي علي عليه السلام بالامامه؟ قالت: واعجبا انستيم يوم غدير خم؟ قلت: قد كان ذلك، ولكن اخبريني بما اشير(48) اليك، قالت: اشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: علي خير من اخلفه فيكم، وهو الامام والخليفه بعدي، وسبطاي وتسعه من صلب الحسين ائمه ابرار، لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم الى يوم القيامه.
قلت: يا سيدتي، فما باله قعد عن حقه؟ قالت: يا ابا عمر، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
مثل الامام مثل الكعبه اذ توتي ولا ياتي - او قالت: مثل علي -، ثم قالت: اما والله لو تركوا الحق علي اهله واتبعوا عتره نبيه لما اختلف في الله اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف بعد خلف حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين عليه السلام، ولكن قدموا من اخره الله، واخروا من قدمه الله، حتى اذا لحدوا المبعوث واودعوه الجدث والمجدوث(49) اختاروا بشهوتهم وعملوا بآرائهم، تبالهم، او لم يسمعوا الله يقول:(وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيره)(50)؟ بل سمعوا ولكنهم كما قال الله سبحانه: (فانها لاتعمي الابصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور)(51) هيهات بسطوا في الدنيا آمالهم، ونسوا آجالهم، فتعسا لهم واضل اعمالهم، اعوذ بك يا رب من الحور بعد الكور.(52)،(53)
الهوامش:
(1) الكافي: ج 1 باب مولد الصاحب عليه السلام ص 514، والارشاد للمفيد: ص 346، وكمال الدين: ج 2 ص 430 ح 4.
(2) كتاب الغيبه: ص 127، وعنه البحار: ج 51 ص 6 ضمن ح 12.
(3) بحار الانوار: ج 51 ص 15.
(4) في المصدر: (فخجلت) بدل (فجلست).
(5) في خل ل (استحيت).
(6) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثتبناه من المصدر.
(7) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثتبناه من المصدر.
(8) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثتبناه من المصدر.
(9) القصص: 5 و6.
(10) كمال الدين: ج 2 ص 424 ح 1، وعنه البحار: ج 51 ص 2 ح 3.
(11) الخرائج والجرائح: ج 1 ص 466 ح 12، وفيه اختلاف في بعض الفاظه، وعنه البحار: ج 51 ص 293 ح 3.
(12) كمال الدين: ج 2 ص 433 ح 13.
(13) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(14) في المصدر:(وهكذا) بدل (وهذا).
(15) كمال الدين: ج 2 ص 433 ح 14.
(16) كمال الدين: ج 2 ص 431 قطعه من ح 7.
(17) يعني به: عثمان بن سعيد.
(18) كمال الدين، ج 2 ص 430 ح 6، وعنه البحار: ج 51 ص 5 ح 9.
(19) في روايه اخري:(بعشره ايام)، كتاب الغيبه: ص 139، وعنه البحار: ج 51 ص 5 ح 8.
(20) كمال الدين: ج 2 ص 430 ضمن ح 5، وعنه البحار: ج 51 ص 5 ح 7، اعلام الوري: ص 395.
(21) في المصدر: (والولي).
(22) في المصدر: (مثل ما) بدل (كما).
(23) كمال الدين: ج 2 ص 433 ح 16.
(24) بحار الانوار: ج 51 ص 23 ح 34 نقلا عن كتاب النجوم.
(25) مابين المعقوفتين لم ترد في المصدر.
(26) مابين المعقوفتين لم ترد في المصدر.
(27) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(28) اثبات الوصيه: ص 221، كمال الدين: ج 2 ص 441 ح 12.
(29) اثبات الوصيه: ص 221.
(30) النساء: 59.
(31) كمال الدين: ج 1 ص 253 ح 3.
(32) في المصدر: (وخلقت).
(33) في المصدر: (م ح م د).
(34) في المصدر: (يحلل).
(35) كمال الدين: ج 1 ص 252 ح 2.
(36) في المصدر: (ليوصون).
(37) في المصدر: (فيعلن).
(38) في المصدر:(الحق) بدل (الله).
(39) كفايه الاثر: ص 10.
(40) في المصدر: (الشكايه).
(41) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(42) في المصدر:(لاتبكين).
(43) في المصدر: (لنا) بدل (منا).
(44) في المصدر: (ووصيي).
(45) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(46) كفايه الاثر: ص 62.
(47) (و) لم ترد في المصدر.
(48) في المصدر: (اسر).
(49) الجدث: القبر، والمجدوث: المحفور (انظر لسان العرب: ماده (جدث) ج 2 ص 196).
(50) القصص: 68.
(51) الحج: 46.
(52) نعوذ بالله من الحور بعد الكور: اي من النقصان بعد الزياده (ذكره الجوهري: ماده (حور) ج 2 ص 638).
(53) كفايه الاثر: ص 198.
******************
وباسناده عن محمد بن همام بسنده عن ابي هريره، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وابوبكر وعمر والفضل بن العباس وزيد بن حارثه وعبد الله بن مسعود، اذ دخل الحسين بن علي عليهما السلام فاخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبله، ثم قال:(حزقه حزقه ترق عين بقه)(1)، ووضع فمه (علي فمه)(2)، وقال: اللهم اني احبه فاحبه واحب من يحبه، يا حسين انت الامام بن الامام ابو الائمه، تسعه من ولدك ائمه ابرار.
فقال له عبد الله بن مسعود: ما هؤلاء الائمه الذين ذكرتهم يا رسول الله في صلب الحسين؟ فاطرق مليا ثم رفع راسه، فقال: يا عبد الله سالت عظيما، ولكني اخبرك ان ابني هذا - ووضع يده علي كتف الحسين عليه السلام - يخرج من صلبه ولد مبارك سمي جده علي عليه السلام يسمي العابد، ونورالزهاد، ويخرج الله من صلب علي عليه السلام ولدا اسمه اسمي، واشبه الناس بي، يبقر العلم بقرا وينطق بالحق ويامر الصواب، ويخرج الله من صلبه كلمه الحق، ولسان الصدق.
فقال له ابن مسعود: فما اسمه يا رسول الله؟ قال: يقال له: جعفر، صادق في قوله وفعله، الطاعن عليه كالطالن علي، والراد عليه كالراد علي، ثم دخل حسان بن ثابت، وانشد في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شعرا، وانقطع الحديث.
فلما كان من الغد، صلي بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم دخل بيت عائشه ودخلنا معه، انا وعلي بن ابي طالب عليه السلام وعبد الله بن العباس، وكان من دابه صلى الله عليه وآله وسلم اذا سئل اجاب، واذا لم يسال ابتدأ، فقلت له: بابي انت وامي يا رسول الله الا تخبرني بباقي الخلفاء من صلب الحسين عليه السلام؟ قال: نعم يا اباهريره، ويخرج الله من صلب جعفر ملودا نقيا طاهرا اسمر رابعه سمي موسي بن عمران، ثم قال له ابن عباس: ثم من يا رسول الله؟ قال: يخرج من صلب موسي علي ابنه، يدعي بالرضا، موضع العلم ومعدن الحلم، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: بابي المقتول في ارض الغربه، ويخرج من صلب محمد ابنه علي طاهر الحسب صاق اللهجه، ويخرج من صلب علي الحسن الميمون النقي الطاهر الناطق عن الله او ابو حجه الله 7 ويخرج الله من صلب الحسن قائمنا اهل البيت، يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، له هيبه موسي وحكم داود وبهاء عيسي، ثم تلا صلى الله عليه وآله وسلم: (ذريه بعضها من بعض والله سميع عليم).(3)
فقال له علي بن ابي طالب عليه السلام: بابي انت وامي يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هؤلاء الذين ذكرتهم؟ قال: يا علي اسامي الاوصياء من بعدك،و العتره الطاهره والذريه المباركه، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفس محمد بيده لو ان رلا عبد الله الف عام ثم الف عام ما بين الركن والمقام، ثم اتاني جاحدا لولايتهم لكبه الله في النار، كائنا من كان.
قال ابو علي محمد بن همام: العجب كل العجب من ابي هريره انه يروي مثل هذه الاخبار، ثم ينكر فضائل اهل البيت عليهم السلام.(4)
وباسناده عن عبد العظيم الحسني، قال: دخلت علي سيدي علي بن محمد عليهما السلام، فلما بصر بي،قال لي: مرحبا بك يا ابا القاسم انت ولينا حقا، قال: فقلت له: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اني اريد ان اعرض عليك ديني، فان كان مرضيا ثبت عليه حتى القي الله عز وجل، فقال: هات يا ابا القاسم، فقلت: اني اقول: ان الله تبارك وتعالي واحد ليس كمثله شيء خارج من الحدين حد الابطال(5) وحد التشبيه، وانه ليس بجسم ولا صوره، ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الاجسام، ومصور الصور، وخالق الاعراض والجواهر، ورب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه، وان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عبده ورسوله خاتم النببين، فلا نبي بعده الى يوم القيامه، وان شريعته خاتمه الشرائع، فلا شريعه بعدها الى يوم القيامه.
واقول: ان الامام والخليفه وولي الامر بعده اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمد بن علي، ثم جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمد بن علي ثم انت يا مولاي، فقال عليه السلام: ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للنسا بالخلف من بعده؟ قال: فقلت: وكيف ذلك يا مولاي؟ قال: لانه لايري شخصه ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. قال: فقلت: اقرت.
واقول: ان وليهم ولي الله، وعدوهم عدو الله، وطاعتهم طاعه الله، ومعصيتهم معصيه الله.
واقول: ان المعراج حق والمساءله في القبر حق، وان الجنه حق، والنار حق، والصراط حق، والميزان حق (وان الساعه آتيه لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور).(6)
واقول: ان الفرائض الواجبه بعد الولايه: اللاه والزكماه والصوم والحج والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال علي بن محمد عليهما السلام: يا ابا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياه الدنيا وفي الاخره.(7)
وعن الصقر بن ابي دلف، قال: سمعت ابا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام يقول: (ان).(8)
الشيخ المفيد عن ابي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: دخلت علي فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليها، وبين يديها لوح فيه اسماء الاوصياء والائمه من ولدها، فعددت اثني عشر اسما، آخرهم القائم من ولد فاطمه (سلام الله عليه) ، ثلاثه منهم محمد، واربعه منهم علي عليهم السلام.(9)
في ذكر طرف من دلائل صاحب الزمان وبيناته وآياته
روي الشيخ باسناده عن محمد بن احمد الانصاري، قال: وجه قوم من المفوضه والمقصره كامل بن ابراهيم المدني الى ابي محمد عليه السلام.(10)
قال كامل: فقلت في نفسي اساله لايدخل الجنه الا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلما دخلت علي سيدي ابي محمد عليه السلام نظرت الى ثياب بيض ناعمه عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم يمن الثياب ويامرنا نحن بمواساه الاخوان وينهانا عن لبس مثله؟ فقال متبسما: يا كامل - وحسر ذراعيه فاذا مسح اسود خشن علي جلده - فقال: هذا لله وهذا لكم(11)، فسلمت وجلست الى باب عليه ستر مرخي(12) فجاءت الريح فكشفت طرفه، فاذا انا بفتي كانه فلقه قمر من ابناء اربع سنين او مثلها، فقال لي: يا كامل بن ابراهيم، فاقشعررت من ذلك والهمت ان قلت: لبيك يا سيدي، فقال: جئت الى ولي الله وحجته وبابه تساله، هل يدخل الجنه الا من عرف معرفتك. وقال بمقالتك؟ فقلت: اي والله، قال: اذن والله يقل داخلها، والله انه ليدخلها قوم يقال لهم الحقيه، قلت يا سيدي: ومن هم؟ قال: قوم من حبهم لعلي يحلفون بحقه ولايدورن ماحقه وفضله، ثم سكت(13) عليه السلام عني ساعه، ثم قال: وجئت تساله عن مقاله المفوضه، كذبوا، بل قلوبنا اوعيه لمشيئه الله فاذا شاء شئنا، والله يقول: (وما تشاءون الا ان يشاء الله)،(14) ثم رجع الستر ال يحالته فلم استطع كشفه.
فنظر الى ابو محمد عليه السلام متبسما، فقال 6 يا كامل ما جلوسك وقد انبك بحاجتك الحجه من بعدي،فقمت وخرجت ولم اعاينه بعد ذلك.(15)
وعن القنبري - من ولد قنبر الكبير، مولي ابي الحسن الرضا عليه السلام - انه حدث عن رشيق صاحب(16) المادراي، قال: بعث الينا المعتضد ونحن ثلاثه نفر، فامرنا ان يركب كل واحد منا فرسا ويجنب(17) آخر ونخرج مخففين لايكون معنا قليل ولا كثير الا علي السرج مصلي(18)، وقال لنا: الحقوا بسامره ووصف لنا محله ودارا، وقال: اذا اتيتموها تجدوا علي الباب خادما اسوكد، فكبسوا (19) الدار ومن رايتم فيها فاتوني براسه.
فوافينا سامره فوجدنا الامر كما وصفه وفي الدهليز خادم اسود وفي يده تكه ينسجها، فسالناه عن الدار ومن فيها، فقال: صاحبها، فو الله ما التفت الينا وقل كتراثه بنا، فكسبنا الدار كما امرنا فوجدنا دارا سريه، ومقابل الدار ستر ما نظرت قط الى انبل منه كان الايدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار احد، فرفعنا الستر فاذا بيت كبير كان بحرا فيه (ماء)(20)، وفي اقصي البيت حصير قد علمنا انه علي الماء، وفوقه رجل من احسن الناس هيئه قائم يصلي، فلم يلتفت الينا ولا الى شيء من اسبابنا، فسبق احمد بن عبد الله ليتخطي البيت فغرق في الماء وما زال يضطرب حتى مددت يدي اليه فخلصته واخرجته وغشي عليه وبقي ساعه، وعاد صاحبي الثاني الى فعل ذلك الفعل فناله مثل ذلك، يو بقيت مبهوتا، فقلت لصاحب البيت: المعذره الى الله واليك فو الله ما علمت كيف الخبر ولا الى من اجي ء، وانا تائب الى الله، فما التفت الى شيء مماقلنا، وما انفتل عما كان فيه.
فهالنا ذلك وانصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا، وقد تقدم الى الحجاب اذا وافيناه ان ندخل عليه في اي وقت كان، فوافيناه في بعض الليل، فادخلنا عليه فسالنا عن الخبر فحكينا له ما راينا، فقال: ويحكم لقيكم احد قبلي وجري منكم الى احد سبب او قول؟ قلنا: لا، فقال: انا لغي(21) من جدي، وحلف باشد ايمان له، انه رجل ان بلغه هذا الخبر ليضربن اعناقنا، فما جسرنا ان نحدث به الا بعد موته.(22)
الصدوق عن اسحاق بن حامد الكاتب، قال: كان بقم رجل بزاز مومن وله شريك مرجئي(23) فوقع بينهما ثوبت نفيس، فقال المؤمن: يصلح هذا الثوب لمولاي، فقال شريكه: لست اعرف مولك، ولكن افعل بالثوب ما تحب، فلما وصل الثوب شقه عليه السلام بنصفين طولا فاخذ نصفه ورد النصف وقال: لاحاجه لي(24) في مالي المرجئي.(25)
وقال الصدوق حدثنا الحسين بن علي بن محمد القمي المعروف بابي علي البغدادي، قال: كنت ببخارا (26) فدفع الى المعروف بابن جاوشير عشره سبائك ذهبا وامرني ان اسلمها بمدينه الاسلام الى الشيخ ابي القاسم الحسين بن روح(27) قدس الله روحه فحملتها معي فلما بلغت امويه(28) ضاعت مني سبيكه من تلك السبائك، ولم اعلم بذلك حتى دخلت مدينه السلام، فاخرجت السبائك لاسلمها فوجدتها ناقصه واحده منها، فاشتريت سبيكه مكانها بوزنها واضفتها الى التسع سبائك، ثم دخلت علي الشيخ ابي القاسم الروحي قدس الله روحه ووضعت السبائك بين يديه، فقال لي: خذ لك(29) تلك السبيكه التي اشتريتها - واشار اليها بيده - (وقال)(30): ان السبيكه التي ضيعتها قد وصلت الينا وهو ذا هي، ثم اخرج الى تلك السبيكه التي كانت ضاعت مني بامويه فنظرت اليها وعرفتها.(31)
قال الحسين بن علي بن محمد المعروف بابي علي البغدادي: ورايت تلك السنه بمدينه السلام امراه تسالني عن وكيل مولانا عليه السلام من هو؟ فاخبرها بعض القميين انه ابوالقاسم الحسين بن روح (قدس الله روحه) واشار لها اليه، فدخلت عليه وانا عنده، فقالت له: ايها الشيخ اي شيء معي؟ فقال: ما معك فالقيه في دجله ثم ائتيني حتى اخبرك، قال:فذهبت المراه وحملت ما كان معها فالقته في دجله، ثم رجعت ودخلت الى ابي القاسم الروحي قدس الله روحه، فقال ابو القاسم رضي الله عنه لمملوكه له: اخرجي الى الحقه فاخرجت اليه حقه، فقال للمراه: هذه الحقه التي كانت معك ورميت بها في دجله،اخبرك بما قيها او تخبريني؟ فقالت له: بل اخبرني (انت)(32) فقال: في هذه الحقه زوج سوار ذهب، وحلقه كبيره فيها جوهر، وحلقتان صغيرتان فيهما جوهر، وخاتمان احدهما فيروزج والاخر عقيق، وكان الامر كما ذكر، لم يغادر منه شيئا، ثم فتح الحقه فعرض علي ما فيها، ونظرت المراه اليه، فقالت: هذا الذي حملته بعينه ورميت به في دجله، فغشي علي وعلي المراه فرحا بما شاهدناه من صدق الدلاله. (ثم)(33) قال الحسين لي من بعد ما حدثني بهذا الحديث: اشهد بالله تعالى(34)، لت عذلللخذيث منل ذمراع لم ازدد فيه ولم انقص منه وحلف بالائمه الاثني عشر، صلوات الله عليهم، لقد صدق فيما حدث به ما زاد فيه ولا نقص منه.(35)
وروي الشيخ عن ابن نوح عن ابي عبد الله الحسين بن محمد بن سوره القمي عن جماعه من مشائخ اهل قم، ان علي بن الحسين بن موسي بن بابوبيه كانت تحته بنت عمه محمد بن موسي بن بابويه فلم يرزق منها ولدا، فكتب الى الشيخ ابي القاسم حسين بن روح رضي الله عنه ان يسال الحضره ان يدعو الله ان يرزقه اولادا فقهاء فجاء الجواب: انك لا ترزق من هذه ستملك جاريه ديلميه وترزق منها ولدين فقيهين، قال: (وقال لي)(36) ابو عبد الله بن سوره: ولابي الحسن بن بابويه رحمه الله ثلاثه اولاد، محمد والحسين فقيهان ماهران في الحفظ يحفظان مالا يحفظ غيرهما من اهل قم، ولهما اخ اسمه الحسن هو الاوسط مشتغل بالعباده والزهد لا يختلط بالناس ولا فقه له.
قال ابن سوره: كلما روي ابو جعفر وابو عبد الله ابنا علي بن الحسين شيئا، يتعجب الناس من حفظهما، ويقولون لهما: هذا الشان خصوصيه لكما بدعوه الامام عليه السلام لكما، وهذا امر مستفيض في اهل قم.(37)
وقال ابن سوره: سمعت سرورا - وكان رجلا عابدا مجتهدا لقيته بالاهواز غير اني نيست نسبه -، يقول: كنت اخرس لا اتكلم فحملني ابي وعمي في صباي، وسني اذ ذك ثلاث عشره او اربع عشره، الى الشيخ ابي القاسم بن روح رضي الله عنه، فسالاه ان يسال الحضره ان يفتح الله لساني، فذكر الشيخ ابو القاسم الحسين بن روح انكم امرتم بالخروج الى الحائر، قال سرور: فخرجنا انا وابي وعمي الى الحائر فاغتسلنا وزرنا، قال: فصاح بي ابي وعمي يا سرور، فقلت بلسان فصيح: لبيك، فقالا لي: ويحك تكلمت؟ فقلت: نعم، قال ابو عبد الله بن سوره: وكان سرور هذا رجلا ليس بجهوري الصوت.(38)
وفي كتاب الصراط المستقيم ذكر الشيخ الموثوق به عثمان بن سعيد العمري ان ابن ابي غانم القزويني، قال: ان العسكري عليه السلام لا خلف له، فشاجرته الشيعه وكتبوا الى الناحيه، وكانوا يكتبون لابسواد، بل بالقلم الجاف علي الكاغد الابيض ليكون علما معجزا، فورد جوابا اليهم:
بسم الله الرحمن الرحيم، عافانا الله وايكم من الضلال والفتن، انه انتهي الينا شك جماعه منكم في الدين، وفي ولايه ولي امرهم، فغمنا ذلك لكم لالنا، لان الله معنا والحق معنا، فلا يوحشنا من بعد علينا، ونحن صنائع ربنا والخلق صنائعنا، ما لكم في الريب تترددون؟ اما علمتم ما جاءت به الاثار مما (في)(39) ائمتكم (يكون)(40) افرايتم كيف جعل الله لكم معاقل تاون اليها، واعلاما تهتدون بها من لدن آدم عليه السلام الى ان ظهر الماضي عليه السلام؟ كلما غاب علم بدا علم، واذا افل نجم طلع نجم.
فلما قبضه الله اليه ظننتم انه ابطل دينه، وقطع السبب بينه وبين خلقه؟ كلا ما كان ذلك ولا يكون حتى تقوم الساعه، ويظهر امر الله وهم كارهون، فاتقوا الله وسلموا لنا، وردوا الامر الينا، فقد نصحت لكم والله شاهد علي وعليكم.(41)
في ذكر من رآه
روي الصدوق باسناده عن محمد بن معاويه بن حكيم ومحمد بن ايوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمري رضي الله عنهم، قالوا: عرض علينا ابو محمد الحسن بن علي صلوات الهل عليهما ابنه عليه السلام ونحن في منزله وكنا اربعيين رجلا، فقال: هذا امامكم من بعدي، وخليفتي عليكم اطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي، فتهلكوا في اديانكم، اما انكم لاترونه(42) بعد يومكم هذا، قالوا فخرجنا من عنده فما مضت الا ايام قلائل حتى مضي ابو محمد صلوات الله عليه.(43)
وباسناده عن يعقوب بن منقوش(44)، قال: دخلت علي ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام وهو جالس علي دكان(45) في الدار وعن يمينه بيت، عليه ستر مسبل، فقلت له: (ي)(46) سيدي، من صاحب هذا الامر؟ فقال: ارفع الستر، فرفعته فخرج الينا غلام خماسي له عشر او ثمان او نحخو ذلك، واضح الجبين، ابيض الوجه، دري(47) المقلتين، شثن الكفين(48)، معطوف الركبتين، في خده الايمن خال، وفي راسه ذوابه، فجلس علي فخذ ابي محمد عليه السلام، فقال(49): هذا هو صاحبكم، ثم وثب فقال له: يا بني ادخل الى القت المعلوم، فدخل البيت وانا انظر اليه، ثم قال لي: يا يعقوب انظر الى من في البيت؟ فدخلت فما رايت احدا.(50)
وعن علي بن عبد الله الوراق عن سعد عن احمد بن اسحاق، قال: دخلت علي ابن محمد الحسن بن اسحاق، ان الله تبارك وتعالي لم يخل الارض منذ خلق آدم عليه السلام ولا تخلو الى يوم القيامه(51) من حجه لله علي خلقه (به) يدفع البلاء عن اهل الرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الارض، قال: فقلت: يا ابن رسول الله فمن الامام والخليفه بعدك؟
فنهض عليه السلام (مسرع)(52) فدخل البيت، ثم خرج وعلي عاتقه غلام كان جهه القمر ليله البدر من ابناء ثلاث سنين، فقال: يا احمد بن اسحاق لولا كرامتك علي الله (عز وجل) وعلي حججه ما عرضت عليك ابني هذا، انه سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيه، الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
يا احمد بن اسحاق: مثله في هذه الامه مثل الخضر عليه السلام، ومثله كمثل(53) ذي القرنين، والله ليغيبن غيبه لا ينجو فيها من الهلكه الا من يثبته(54) الله عز وجل علي القول بامامته، ووفقه (فيه) للدعاء بتعجيل فرجه.
قال احمد بن اسحاق: فقلت له: يا مولاي هل من علامه يطمئن اليها قلبي؟ فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربي فصيح، فقال: انا بقيه الله في ارضه، والمنتقم من اعدائه، فلا تطلب اثرا بعد عين يا احمد بن اسحاق، قال احمد بن اسحاق: فخرجت مسرورا فرحا.
فلما كان من الغد عدت اليه، فقلت له: يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما انعمت(55) (به) علي فما السنه الجاريه فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: طول الغيبه يا احمد، فقلت له: يا ابن رسول الله وان غيبته لتطول؟ قال: اي وربي حتى يرجع عن هذا الامر كثر القائلين به، فلا يبقي الا من اخذ الله (عز وجل) عهده بولايتنا، وكتب في قلبه الايمان وايده بروح منه.
الهوامش:
(1) في الحديث: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كان يرقص الحسن او الحسين ويقول:(حزقه حزقه، ترق عين بقه)، والحزقه: الضعيف الذي يقارب خطوه من ضعف فكان يرقي حتى يضع قدميه علي صدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وترق: بمعني اصعد، وعين بقه: كنايه عن صغر العين (انظر لسان العرب، ماده (حزق) ج 3 ص 154). وقال ابن الاثير: ذكرها له علي سبيل المداعبه والتانيس له.
(2) مابين المعقوفتين لم ترد في النسخه الخطيه واثبتناه من المصدر.
(3) آل عمران: 34.
(4) كفايه الاثر: ص 81.
(5) حد الابطال: هو ان لا تثبت له صفه.
(6) الحج: 7.
(7) كمال الدين: ج 2 باب ما روي عن ابي الحسن علي بن محمد الهادي عليهماالسلام ص 379، وعنه البحار: ج 69 ص 1 ح 1، وكفايه الاثر: ص 382، واعلام الوري: ص 409.
(8) كفايه الاثر: ص 279، وكمال الدين: ج 2 ص 378، واعلام الوري: ص 409.
(9) الارشاد: ص 348.
(10) زاد في خ ل (ليناظره في امرهم).
(11) زاد في خ ل (فخجلت).
(12) في خ ل (مسبل).
(13) وفي بعض الروايات مكان (تم سكت) هذه الجمله:(انهم قوم يعرفون ما تجب عليهم معرفته جملا وتفصيلا من معرفه الله ورسوله والائمه عليهم السلام ونحوها ثم قال... الخ) كذا ورد في حاشيه المخطوطه.
(14) الانسان: 30.
(15) كتاب الغيبه: ص 148.
(16) في خ ل: (حاجب).
(17) في المصدر:(ونجنب).
(18) مصلي: فرش خفيف يصلي عليه ويكون حمله علي السرج.
(19) اي ادخلوها باقتحام.
(20) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(21) في المصدر: (نفي).
(22) كتاب الغيبه للطوسي: ص 149.
(23) المرجئه: فرقه يعتقدون انه لايضر مع الايمان معصيه، كما انه لاينفع مع الكفر طاعه، وسموا مرجئه لان الله ارجا تعذيبهم علي المعاصي، اي اخره عنهم (انظر لسان العرب: ماده (رجا) ج 5 ص 138).
(24) في المصدر:(لنا).
(25) كمال الدين: ج 2 ص 510 ح 40.
(26) بخارا: بالضم من اعظم مدن ما وراء النهر واجلها، يعبر اليها آمل الشط، وبينها وبين جيحون يومان، وكانت قاعده ملك السامانيه. (معجم البلدان: ج 1 ص 517).
(27) هو: احد السفراء والنواب الخاصه الامام الثاني عشر عجل الله تعالى فرجه، توفي في شعبان سنه 326.
(28) يقال: امويه بالفتح وتشديد الميم وسكون الواو وفتح الياء، وهي آمل الشط (البط)، مدينه مشهوره في غربي جيحون في طريق بخارا، وقيل مدينه بطبرستان.
(29) (لك) لم ترد في المصدر.
(30) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه في المصدر.
(31) كمال الدين: ج 2 ص 518 قطعه من ح 47.
(32) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(33) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(34) في كمال الدين: (اشهد عند الله عز وجل يوم القيامه بما حدثت به انه).
(35) كمال الدين: ج 2 ص 519 قطعه من ح 47.
(36) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه واثبتناه من المصدر.
(37) كتاب الغيبه للطوسي: ص 187.
(38) كتاب الغيبه للطوسي: ص 188.
(39) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه واثبتناه من المصدر.
(40) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(41) الصراط المستقيم: ج 2 ص 235.
(42) اي كثركم او عن قريب، فان الظاهر ان محمد بن عثمان رضي الله عنه كان يراه في ايام سفارته، والله العالم.
(43) كمال الدين: ج 2 ص 435 ح 2.
(44) في الخطيه: (منفوش) وما اثبتناه هو الصحيح، لان يعقوب بن منقوش كان من اصحاب الهادي والعسكري عليهماالسلام (انظر رجال الطوسي: 426 و437).
(45) الدكان: الدكه المبنيه للجلوس عليها (انظر لسان العرب: ماده (دكن) ح 4 ص 384).
(46) كلمه (يا) ساقطه من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(47) دري: بالهمز او دونها التوقد والتلالو (انظر الصحاح: ماده (درا) ج 1 ص 48).
(48) شئن الكفين: اي انهما تميلا الى الغلظ والقصر، وقيل: هو الذي في انامله غلظ بلا قصر، كو يحمد ذلك في الرجال لانه اشد لقبضهم، ويذم في النساء (انظر لسان العرب: (ماده شثن) ج 7 ص 30).
(49) في المصدر: (ثم قال لي).
(50) كمال الدين: ج 2 ص 436 ح 5.
(51) في المصدر:(ولا يخليها الى ان تقوم الساعه)بدل (لا تخلو الى يوم القيامه).
(52) مابني المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(53) (كمثل) لم ترد في المصدر.
(54) في المصدر: (ثبته).
(55) في المصدر: (مننت).
******************
يا احمد بن اسحاق: هذا امر من الله، وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، فخذ ما اتيتهك وكتمه، وكن من الشكرين تكن معنا غدا في عليين.(1)
روي الشيخ الطوسي عن احمد بن عبدون عن ابي الحسن الشجاعي عن ابي عبد الله محمد بن ابراهيم النعماني عن يوسف بن احمد الجعفري، قال: حججت سنه ست وثلاثمائه وجاورت بمكه تلك السنه، وما بعدها الى سنه تسع وثلاثمائه، فم خرجت عنها منصرفا الى الشام.
فبينا انا في بعض الطريق وقد فاتتني صلاه الفجر فنزلت من المحمل وتهيات للصلاه، فرايت اربعه نفر في محمل، فوقفت اعجب منهم، فقال احدهم: مم تعجب؟ تركت صلاتك وخالفت مذهبك، فقلت للذي يخاطبني: وما علمك بمذهبي؟ فقال: تحب ان تري صاحب زمانك؟ قلت: نعم، فاوما الى احد الاربعه، بمذهبي؟ فقال: تحب ان تري صاحب زمانك؟ قلت: نعم، فاوما الى احد الاربعه، فقلت (له)(2): ان له دلائل وعلامات، فقال: ايما احب اليك ان تري الجمل وما عليه صاعدا الى السماء؟ او تري المحمل صاعدا الى السماء؟ فقلت: ايهما كان فهي دلاله.
فرايت الجمل وما عليه يرتفع الى السماء، وكان الرجل او ما الى رجل به سمره، وكان لونه الذهب، بين عينيه سجاده.(3)
عن القطب الراوندي قال: روي ان ابا محمد الدعلجي كان له ولدان، وكان من اخيار اصحابنا وكان قد سمع الاحاديث، وكان احد ولديه علي الطريقه المستقيمه، وهو ابو الحسن، كان يغسل الاموات، وولد آخر يسلك مسالك الاحداث، في (فعل)(4) الاجرام(5)، ودفع الى ابي محمد (الدعلجي) بها عن صاحب الزمان عليه السلام، وكان ذلك عاده الشيعه وقتئد -، فدفع شيئا منها الى ابنه المذكور بالفساد، وخرج الى الحج.
فلما عاد حكي انه كان واقفا بالموقف، فراي الى جانبه شائبا حسن الوجه، اسمراللون، بذوابتين، مقبلا علي شانه في الابتهال والدعاء والتضرع وحسن العمل.
فلما قرب نفر الناس التفت الي، وقال: يا شيخ اما تستحيي؟! فقلت: من اي شيء يا سيدي؟! قال: يدفع اليك حجه عمن تعلم، فتدفع منها الى فاسق يشرب الخمر، يوشك ان تذهب عينك هذه، واوما الى عيني، وانا من ذلك الى الان علي وجل ومخافه، وسمع ابو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك، قال: فما مضي عليه اربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي او ما اليها قرحه فذهبت.(6)
عن الشيخ الصدوق، قال: سمعنا شيخا من اصحاب الحديث، يقال له: احمد بن فارس(7) الاديب يقول: سمعت بهمدان حكايه حكيتها كما سمعتها لبعض اخواني، فسالني ان اثبتها له بخطي ولم اجد الى مخالفته سبيلا، وقد كتبتها وعهدتها الى من حكاها: وذلك ان بهمدان اناسا يعرفون ببني راشد، وهم كلهم يتشيعون ومذهبهم مذهب اهل الامامه، فسالت عن سبب تشيعهم من بين اهل همدان؟ فقال لي شيخ منهم - رايت فيه صلاحا وسمتا -: ان سبب ذلك ان جدنا الذي ننسب(8) اليه خرج حاجا، فقال: انه لما صدر عن الحج، وساروا منازل في الباديه، قال: فنشطت في النزول والمشي فمشيت طويلا حتى اعييت وتعبت(9)، فقلت في نفسي: انام نومه تريحني: فاذا جاء اواخر القافله قمت.
قال: فما انتبهت الا بحر الشمس، ولم ار احدا، فتوحشت ولم ار طريقا ولا اثرا، فتوكلت علي الله عز وجل، وقلت: اسير حيث وجهني، ومشيت غير طويل فوقعت في ارض خضرا نضره كانها قريبه عهد بغيث، واذا تربتها اطيب تربه، ونظرت في سواء تلك الارض، الى قصر يلوح كانه سيف، فقلت: يا ليت شعري ما هذا القصر الذي لم اعهده والم اسمع به؟ فقصدته فلما بلغت الباب رايت خادمين ابيضين، فسلمت عليهما فردا علي(10) ردا جميلا، وقالا: اجلس فقد اراد الله بك خيرا، وقام احدهما فدخل واحتبس غير بعيد، ثم خرج، فقال: قم فادخل.
فدخلت قصرا لم ار بناء احسن من بنائه، ولا اضوا منه، وتقدم الخادم الى ستر عل بت فرقعه، ثم قال لي: ادخل، فدخلت البيت فاذا فتي جالس في وسط البيت، وقد علق علي راسه من السقف سيف طويل تكاد ظبته تمس راسه، والفتني (كانه) بدر يلوح في ظلام، فسلمت فرد السلام بالطف الكلام واحسنه، ثم قال لي: اتدري من انا؟ فقلت: لا والله، فقال: انا القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، انا الذي اخرج في آخر الزمان بهذا السيف - واشار اليه - فاملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، فسقطت علي وجهي وتعفرت.
فقال: لاتفعل ارفع راسك انت فلان من مدينه بالجبل، يقال لها همدان، قلت: صدقت يا سيدي ومولاي، قال: فتحب ان تووب الى اهلك؟ قلت: نعم يا سيدي، وابشرهم بما اتاح الله عز وجل لي، فاوما الى الخادم، فاخذ بيدي وناولني صره وخرج. ومشي معي خطوات، فنظرت الى ضلال واشجار ومناره مسجد، فقال: اتعرف هذا البلد؟ قلت: ان بقرب بلدنا بلده تعرف باستاباد(11) وهي تشببها، قال: فقال هذه استاباد(12) امض راشدا، فالتفت فلم اره، ودخلت استاباد(13) واذا في الصره اربعون او خمسون دينارا.
فوردت همدان وجمعت اهلي وبشرتهم بما اتاح الله لي ويسره عز وجل ولم نزل بخير، ما بقي معنا من تلك الدنانير.(14)
اقول: استاباد هي التي تعرف اليوم باسد آباد وهي قريب من همدان وبينهما عقبه كئود(15)، وسمعت ان قبر هذا الرجل باسد آباد معروف والله تعالى العالم.
قال العلامه المجلسي، اخبرني والدي رحمه الله قال: كان في زماننا رجل شريسف صالح كان يقال له: اميراسحاق الاستربادي، وكان قد حج اربعين حجه ماشيا، وكان قد اشتهر بين الناس انه، تطوري له الارض، فورد في بعض السنين بلده اصفهان، فاتيته وسالته عما اشتهر فيه.
فقال: كان سبب ذلك اني كنت في بعض السنين مع الحاج متوجهين الى بيت الله الحرام، فلما وصلنا الى موضع كان بيننا وبين مكه سبعه منازل او تسعه تاخرت عن القافله لبعض الاسباب حتى غابت عني، وظللت عن الطريق وتحيرت وغلبني العطش حتى ايست من الحياه، فناديت يا صالح يا ابا صالح ارشدونا الى الطريق يرحمكم الله، فتراءي لي في منتهي الباديه، شبح، فلما تاملته حضر عندي في زمان يسير، فرايته شابا حسن الوجه نقي الثياب اسمر علي هيئه الشرفاء ركبا علي جمل ومعه اداوه، فسلمت عليه فرد علي السلام، وقال: انت عطشان؟ قلت: نعم، فاعطاني الاداوه فشربت، ثم قال: تريد ان تلحق القافله؟ قلت: نعم.
فاردفني خلفه وتوجه نحو مكه، وكان من عادتي قراءة الحرز اليماني في كل يوم، فاخذت في قراءته، فقال عليه السلام في بعض المواضع: اقرا هكذا، قال: فما مضي الا زمان يسير حتى قال لي تعرف هذا الموضع؟ فنظرت فاذا انا بالابطح فقال: انزل، فلما نزلت، رجعت وغاب عني، فعند لذلك عرفت انه القائم عليه السلام، فندمت وتاسفت علي مفارقته وعدم معرفته.
فلما كان بعد سبعه ايام اتت القافله فراوني في مكه، بعدما ايسوا من حياتي، فلذا اشتهرت بطي الارض.(16)
وحكي صاحب كشف الغمه قصه اسماعيل الهرقلي والسيد عطوه الحسيني وتشرفهما بخدمه مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه، وبرء ما بهما من التوثه(17) والادره ببركته، ثم قال: والاخبار عنه عليه السلام في هذا الباب كثيره وان جماعه قد انقطعوا في طرق الحجاز وغيرها، فخلصهم واوصلهم الى حيث ارادوا ولولا التطويل، لذكرت منها جمله، ولكن هذا القدر الذي قرب عهده من زماني كاف(18)، انتهي.
في كشف الغمه، وانا اذكر من ذلك قصتين قرب عهدهما من زماني، وحدثني بهما جماعه من ثقات اخواني، كان في البلاد الحليه شخص يقال له اسماعيل بن الحسن الهرقلي من قريه يقال لها: هرقل، مات في زماني وما رايته، حكي لي ولده شمس الدين، قال: حكي لي والدي انه خرج فيه وهو شاب علي فخذه الايسر توثه مقدار قبضه الانسان، وكانت في كل ربيع تشقق ويخرج منها دم وقيح، ويقطعه المها عن كثير من اشغاله، وكان مقيما بهرقل، فحضر الحله يوما ودخل الى مجلس السعيد رضي الدين علي بن طاووس، رحمه الله، وشكا اليه ما يجده منها، وقال: اريد ان اداويها.
فاحضر له اطباء الحله واراهم الموضوع، فقالوا: هذه التوثه فوق العرق الكحل وعلاجها خطر، ومتي قطعت خيف ان ينقطع العرق فيموت، فقال له السعيد رضي الدين قدس الله روحه: انا متوجه الى بغداد وربما كان اطباوها اعرف واحذق من هؤلاء فاصحبني، فاصعده معه واحضر الاطباء، فقالوا كما قال اولئك، فضاق صدره.
فقال له السعيد: ان الشرع قد فسح لك في الصلاه في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس، ولا تغرر بنفسك فالله تعالى قد نهي عن ذلك ورسوله، فقال له والدي: اذا كان الامر علي ذلك وقد وصلت الى بعداد فاتوجه الى زياره المشهد الشريف بسر من راي علي مشرفه السلام، ثم انحدر الى اهلي فحسن له ذلك، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضي الدين، وتوجه، قال: فلما دخلت المشهد ووزرت الائمه عليهم السلام ونزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبالامام عليه السلام وقضيت بعض الليل في السرداب وبقيت(19) في المشهد الى الخميس، ثم مضيت الى دجله واغتسلت ولبست ثوبا نظيفا وملات ابريقا كان معي، وصعدت اريد المشهد، فرايت اربعه فرسان خارجين من باب السور، وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون اغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا، فرايت شابين احدهما عبد مخطوط وكل واحد منهم متقلد بسيف، وشيخا منقبا بيده رمح، والاخر متقلد بسيف وعليه فرجيه ملونه فوق السيف، وهو متحنك بعذبته، فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق، ووضع كعب الرمح في الارض.
ووقف الشابان عن يسار الطريق، وبقي صاحب الفرجيه علي الطريق مقابل والدي، ثم سلموا عليه فرد عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجيه: انت غدا تروح الى اهلك، فقال: نعم، فقال له: تقدم حتى ابصر ما يوجعك؟ قال: فكرهت ملامستهم، وقلت في نفسي: اهل الباديه ما يكادون يحترزون من النجاسه، وانا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول، ثم اني بعد ذلك تقدمت اليه، فلزمني بيده ومدني اليه وجعل يلمس جانبي من كتفي الى ان اصابت يده التوثه فعصرها بيده فاوجعني، ثم استوي في سرجه كما كان، فقال لي الشيخ: افلحت يا اسماعيل، فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: افلحنا وافلحتم ان شاء الله، قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الامام، قال: فتقدمت اليه فاحتضنته وقبلت فخذه، ثم انه ساق وانا امشي معه محتضنه، فقال: ارجع، فقلت: لا افارقك ابدا، فقال: المصلحه رجوعك، فاعدت عليه مثل القول الاول.
فقال الشيخ: يا اسماعيل ما تستحيي يقول لك الامام مرتين ارجع وتخالفه؟ فجبهني(20) ابصرهم الى ان غابوا عني، وحصل عندي اسف لمفارقته، فقعدت الى الارض ساعه، ثم مشيت الى المشهد.
فاجتمع القوم حولي، وقالوا: نري وجهك متغيرا اوجعك شيء، قلت: لا، قالوا: اخاصمك احد؟ قلت: لا، ليس عندي مما تقولون خبر لكن اسالكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم، فقالوا: هم من الشرفاء ارباب الغنم، فقلت: لا، بل هو الامام عليه السلام فقالوا: الامام هو الشيخ او صاحب الفرجيه، فقلت: هو صاحب الفرجيه، فقالوا: اريته المرض الذي فيك؟ فقلت: هو قبضه بيده واوجعلني، ثم كشفت رجلي فلم ار لذلك المرض اثرا فتداخلني الشك من الدهش، فاخرجت رجلي الاخري فلم ارشيئا، فانطبق الناس علي ومزقوا قميصي فادخلني القوم خزانه ومنعوا الناس عني.
وكان ناظرا بين النهرين بالمشهد فسمع الضجه وسال عن الخبر فعرفوه فجاء الى الخزانه، وسالني عن اسمي، وسالني منذكم خرجت من بغداد، فعرفته اني خرجت في اول الاسبوع، فمشي عني وبت في المشهد، وصليت الصبح، وخرجت وخرج الناس معي الى ان بعدت عن المشهد، ورجعوا عني ووصلت الى اوانا،(21) فبت بها وبكرت منها اريد بغداد فرايت الناس مزدحمين علي القنطره العتيقه يسالون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه واين كان، فسالوني عن اسمي ومن اين جئت، فعرفتهم فاجتمعوا علي ومزقوا ثيابي، ولم يبق لي في روحي حكم، وكان ناظر بين النهرين كتب الى بغداد وعرفهم الحال، ثم حملوني الى بغداد وازدحم الناس علي وكادوا يقتلونني من كثره الزحام، وكان الوزير القمي رحمه الله تعالى قد طلب السعيد رضي الدين رحمه الله، وتقدم ان يعرفه صحه هذا الخبر.
قال: فخرج رضي الدين ومعه جماعه فوافينا باب النوبي، فرد اصحابه الناس عني، فلما راني قال: اعنك يقولون، قلت: نعم فنزل(22) عن دابته وكشف عن فخذي فلم ير شيئا فغشي عليه ساعه واخذ بيدي وادخلني علي الوزير، وهو يبكي، ويقول: يا مولانا هذا اخي واقرب الناس الى قلبي، فسالني الوزير عن القصه، فحكيت له، فاحضر الاطباء الذين اشرفوا عليها وامرهم بمداواتها فقالوا: ما دواوها الا القطع بالحديد ومتي قطعها مات، فقال لهم الوزير: فبتقدير ان تقطع ولا يموت في كم تبرا، فقالوا: في شهرين ويبقي في مكانها حفيره بيضاء لاينبت فيها شعر، فسالهم الوزير: متي رايتموه، قالوا: منذ عشره ايام فكشف الوزير عن الفخذ الذي كان فيه الالم وهي مثل اختها ليس فيها اثر اصلا، فصاح احد الحكماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم فنحن نعرف من عملها، ثم انه احضر عند الخليفه المستنصر رحمه الله تعالى فساله عن القصه فعرفه بها كما جري، فتقدم له بالف دينار.
فلما حضرت قال: خذ هذه فانفقها، فقال: ما اجسر اخذ منه حبه واحده، فقال الخليفه: ممن تخاف؟ فقال: من الذي فعل معي هذا، قال: لاتاخذ من ابي جعفر شيئا؟ فبكي الخليفه وتكدر وخرج من عنده، ولم ياخذ شيئا.
قال افقر عباد الله تعالى الى رحمته علي بن عيسي عفا الله عنه: كنت في بعض الايام احكي هذه القصه لجماعه عندي، وكان هذا شمس الدين محمد ولده عندي، وانا لا اعرفه.
فلما انقضت الحكايه، قال: انا ولده لصلبه، فعجبت من هذا الاتفاق وقلت: هل رايت فخذه وهي مريضه؟ فقال: لا لاني اصبو عن ذلك، ولكني رايتها بعد ما صلحت، ولا اثر فيها، وقد نبت في موضعها شعر، وسالت السيد صفي الدين محمد ابن بشر العلوي الموسوي، ونجم الدين حيدر بن الايسر رحمهما الله تعالى، وكانا من اعيان الناس وسراتهم وذوي الهبات(23) منهم، وكانا صديقين لي وعزيزين عندي، فاخبراني بصحه هذه القصه، وانهما راياها في حال مرضها وحال صحتها، وحكي لي ولده هذا، انه كان بعد ذلك شديد الحزن لفراقه عليه السلام حتى انه جاء الى بغداد واقام بها في فصل الشتاء، وكان كل ايام يزور سامراء ويعود الى بغداد، فزارها في تلك السنه اربعين مره، طمعا ان يعود له الوقت الذي مضي او يقضي له الحظ بما قضي، ومن الذي اعطاه دهره الرضا، او ساعده بمطالبه صرف القضا فمات رحمه الله بحسرته، وانتقل الى الاخره بغصته، والله يتولاه وايانا برحمته، بمنه وكرامته.
وحكي لي السيد باقي بن عطوه العلوي الحسيني، ان اباه عطوه، كان به ادره وكان زيدي المذهب، وكان ينكر علي بنيه الميل الى مذهب الاماميه، ويقول: لا اصدقكم ولا اقول بمذهبكم حتى يجي ء صاحبكم - يعني المهدي - فيبراني من هذا المرض، وتكرر هذا القول منه.
فبينا نحن مجتمعون عند وقت عشاء الاخره، اذا ابونا يصيح ويستغيث بناء، فاتيناه سراعا، فقال: الحقوا صاحبكم فالساعه خرج من عندي، فخرجنا فلم نر احدا، فعدنا اليه وسالناه فقال: انه دخل الى شخص، وقال: يا عطوه، فقلت: من انت؟ فقال:انا صاحب بنيك قد جئت لابرئك مما بك، ثم مد يده فعصر قروتي ومشي، ومددت يدي فلم ار لها اثرا، قال لي ولده: وبقي مثل الغزال ليس به قلبه، واشتهرت هذه القصه وسالت عنها غير ابنه فاخبر عنها، فاقربها. انتهي.(24)
في التمحيص والنهي عن التوقيت
روي الشيخ الصدوق باسناده عن ابي علي بن همام، قال: سمعت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه، قال: سمعت ابي يقول: سئل ابو محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما، وانا عنده عن الخبر الذي روي عن آبائه صلوات الله عليهم ان الارض لا تخلو من حجه الله علي خلقه الى يوم القيامه، وان من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميته جاهليه، فقال عليه السلام: ان هذا حق، كما ان النهار حق، فقيل له: يا ابن رسول الله فمن الحجه والامام بعدك؟ قال:ابني م ح م د، وهو الامام والحجه بعدي، من مات ولم يعرفه مات ميته جاهليه، اما ان له غيبه يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكذب فيها الوقاتون، ثم يخرج فكاني انظر الى الاعلام البيض تخفق فوق راسه بنجف الكوفه.(25)
وباسناده عن منصور، قال:قال ابو عبد الله عليه السلام: يا منصور ان هذا الامر لا ياتيكم الا بعد ياس، لا والله (لا ياتيكم) حتى تميزوا، لا والله (لاياتيكم) حتى تمحصوا، لا والله (لا ياتيكم) حتى يشقي من يشقي، ويسعد من يسعد.(26)
وباسناده عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: ان لصاحب هذا الامر غيبه، المتمسك فيها بدينه كالخارط القتاد(27)، ثم قال:- هكذا بيده -، ثم قال: ان لصاحب هذا الامر غيبه، فليتق الله عبد وليتمسك بدينه.(28)
وروي الشيخ الطوسي عن الفضيل، قال:سالت ابا جعفر عليه السلام هل لهذا الامر وقت؟ فقال: كذب الوقاتون، كذب الوقاتون،كذب الوقاتون.(29)
وعن الصادق عليه السلام في حديث مهزم الاسدي، قال: يا مهزم: كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون والينا يصيرون.(30)
وعن ابي جعفر عليه السلام انه قال: لتمحصن يا معشر الشيعه، شيعه آل محمد، كمحيص(31) الكحل في العين؛ لان صاحب الكحل يعلم متي يقع في العين ولا يعلم متي يذهب، فيصبح احدكم وهو يري انه علي شريعه من امرنا، فيمسي وقد خرج منها، ويمسي وهو علي شريعه من امرنا فيصبح وقد خرج منها.(32)
النعماني باسناده عن ابن نباته(33) عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال: كونوا كالنحل(34) في الطير ليس شي من الطير الاو هو يستضعفها، ولو علمت الطير ما في اجوافها من البركه لم يفعل بها ذلك، خالطوا الناس بالسنتكم وابدانكم، وزايلوا (35) بقلوبكم واعمالكم، فو الذي نفسي بيده ما ترون ما تحبون حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتي يسمي بعضكم بعضا كذابين، وحتي لايبقي منكم - او من شيعتي الا - كالكحل في العين، والملح في الطعام، وساضرب لكم مثلا: وهو مثل رجل كان له طعام فنقاه وطيبه، ثم ادخله بيتا وتركه فيه ما شاء الله، ثم عاد اليه فاذا هو قد اصابه (السوس فاخرجه ونقاه وطيبه، ثم اعاده الى البيت فتركه ما شاء الله، ثم عاد اليه فاذا هو قد اصابته)(36) طائفه منه السوس فاخرجه ونقاه وطيبه واعاده، ولم يزل كذلك حتى بقيت منه رزمه كرزمه الاندر(37) ولا يضره السوس شيئا، وكذلك انتم تميزون حتى لايبقي منكم، الا عصابه لاتضرها الفتنه شيئا.(38)
وباسناده عن ابي بصير، عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: قلت له: جعلت فدك متي خروج القائم عليه السلام؟ فقال: يا ابا محمد انا اهل بيت لا نوقت، وقد قال محمد صلى الله عليه وآله وسلم:
كذب الوقاتون، يا (اب)(39) محمد ان قدام هذا الامر خمس علامات اولهن النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكيه، وخسف بالبيداء، (وذهاب ملك بني العباس).(40)
ثم قال: يا (اب)(41) محمد انه لابد ان يكون قدام ذلك الطاعونان، الطاعون الابيض والطاعون الاحمر، قلت: جعلت فدك اي شيء الطاعون الابيض، واي شيء الطاعون الاحمر، قال: الطاعون الابيض الموت الجارف، والطاعون الاحمر السيف، ولايخرج القائم حتى ينادي باسمه من جوف السماء، في ليله ثلاث وعشرين (في شهر رمضان)(42) ليله جمعه، قلت: بم ينادي؟ قال: باسمه واسم ابيه، الا ان فلان بن فلان قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم فاسمعوا له واطيعوا، فلا يبقي شيء (من(43)) خلق الله فيه الروح الا سمع الصيحه فتوقظ النائم، ويخرج الى صحن داره، وتخرج العذراء من خدرها، ويخرج القائم مما يسمع وهي صيحه جبرائيل عليه السلام.(44)
الهوامش:
(1) كمال الدين: ج 2 باب ما روي عن ابي محمد الحسن بن علي العكسري عليهماالسلام ص 384 ح 1.
(2) كلمه (له) ساقطه من الخطيه والمطبوع، واثبتناه من المصدر.
(3) كتاب الغيبه: ص 155.
(4) مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(5) في المصدر:(الحرام) بدل (الاجرام).
(6) الخرائج والجرائح: ج 1 ص 480 ح 21.
(7) هو: احمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، ابو الحسين من ائمه اللغه والادب، واختلفوا في اصله، فمنهم من قال: اصله من همذان ورحل الى قزوين، ثم انتقل ال يالري، وقرا عليه البديع الهمذاني والصاحب الن عباد وغيرهما، وتوفي في الري سنه 395 ه ودفن فيها. (اعلام الزرگلي: ج 1 ص 193، معجم مقاييس اللغه: ج 1 ص 4).
(8) في المصدر: (ننتسب).
(9) في الصمدر:(ونعست).
(10) (علي) لم ترد في المصدر.
(11) في المصدر: (باسد آباد).
(12) في المصدر: (باسد آباد).
(13) في المصدر: (باسد آباد).
(14) كمال الدين: ج 2 ص 453 ح 20.
(15) معجم البلدان: ج 1 ص 245.
(16) البحار: ج 52 باب نادر في ذكر من رآه عليه السلام في الغيبه الكبري ص 175.
(17) التوثه: بثره متقرحه.
(18) هكذا وردت في النسخه الخطيه، ولم يتناولها المولف رحمه الله كامله، بل كتفي بالاختصار، وقد ادرجت القصتان في النسخه المطبوعه واليك تمامهما كما ورد في كشف الغمه: ج 2 ص 497 - 493.
(19) في المصدر:(وبت).
(20) جبهه: نكس راسه. بهذا القول، فوقفت فتقدم خطوات والتفت الى وقال: اذا وصلت بغداد فلا بد ان يطلبك ابو جعفر - يعني الخليفه المستنصر، رحمه الله -، فاذا حضرت عنده واعطك شيئا فلا تاخذه، وقل لولدنا الرضي ليكتب لك الى علي بن عوض، فانني اوصيه يعطيك الذي تريد، ثم سار واصحابه معه، فلم ازل (قائم) **زيرنويس=مابين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(21) اوانا:- بالفتح والنون - بليده كثيره البساتين والشجر نزهه من نواحي دجيل بغداد بينها وبين بغداد عشره فراسخ من جهه تكريت (انظر معجم البلدان: ج 1 ص 395).
(22) في خ ل (فترجل).
(23) في المصدر: (الهيات).
(24) مابين المعقوفتين لم ترد في الخطيه، وانما ادرجت في المطبوعه، لان المولف رحمه الله كتفي بالاختصار راجع ص 360 من هذا الكتاب.
(25) كمال الدين: ج 2 ص 409 ح 9.
(26) كمال الدين: ج 2 ص 346 ح 32.
(27) القتاد:شجر له شوك (انظر الصحاح: ماده (قتد) ج 2 ص 521).
(28) كمال الدين: ج 2 ص 346 ح 34.
(29) كتاب الغيبه: ص 262.
(30) كتاب الغيبه: ص 262.
(31) التمحيص: الابتلاء والاختبار، (انظر الصحاح: ماده (محص) ج 2 ص 1056)، وفي المصدر:(كمخيض) والمخيض): اللبن الذي قد اخذه زبده (انظر الصحاح: ماده (مخض) ج 3 ص 1105).
(32) كتاب الغيبه: ص 206.
(33) ابن نباته: هو الاصبغ بن نباته - بضم النون - المجاشعي كان من خاصه اميرالمؤمنين عليه السلام، وعمر بعده، وكان يوم صفين علي شرطه الخميس، وقال لاميرالمؤمنين عليه السلام: قدمني في البقيه من الناس، فانك لاتفقدني اليوم صبرا ولا نصرا قال عليه السلام: تقدم باسم الله والبركه، فتقدم واخذ رايته فمضي مرتجزا وقد خضب سيفه ورمحه دما، وكان شيخا ناسكا عابدا، وكان اذا لقي القوم لايغمد سيفه، وكان رحمه الله من ذخائر علي عليه السلام ممن قد بايعه علي الموت ومن فرسان اهل العراق.
وروي عنه عليه السلام محمد الاشتر ووصيته عليه السلام الى محمد ابنه، فهو الذي دخل علي اميرالمؤمنين عليه السلام لما ضربه ابن ملجم لعنه الله فرآه معصوب الراس بعصابه صفراء، وقد اصفر وجهه بحيث قد غلبت صفره وجهه علي تلك العصابه، وهو يرفع فخذا ويضع اخري من شده الضربه وكثره السم، فطلب منه عليه السلام ان يحدثه بحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحدثه عليه السلام (ورد هذا الشرح منه (قدس سره) في حاشيه الخطوطه.
(34) امر بالتقيه، اي لا تظهروا لهم ما في اجوافكم من دين الحق (وردت في حاشيه المخطوطه).
(35) في المصدر:(زايلوهم).
(36) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(37) الاندر: الكدس من القمح خاصه (انظر لسان العرب: ماده (ندر) ج 14 ص 90).
(38) كتاب الغيبه للنعماني: ص 140.
(39) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(40) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(41) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(42) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(43) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(44) كتاب الغيبه للنعماني: ص 195.
******************
في فضل انتظار الفرج
روي الصدوق باسناده عن الباقر عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (افضل العباده انتظار الفرج).(1)
وعن عمار الساباطي، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: العباده مع الامام منكم المستتر في السر في دوله الباطل افضل، ام العباده في ظهور الحق ودولته مع الامام الظاهر منكم؟ فقال: يا عمار الصدقه في السر والله افضل من الصدقه في العلانيه، وكذلك عبادتكم في السر مع امامكم المستتر في دوله الباطل افضل لخوفكم من عدوكم في دوله الباطل.(2)
وروي البرقي عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: من مات منكم وهو منتظر لهذا الامر كمن هو مع القائم عليه السلام في فسطاطه، قال: ثم مكث هنيهه ثم قال: لابل كمن قارع معه بسيفه، ثم قال: لا والله الا كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(3)
وروي الشيخ الطوسي عن جابر، قال: دخلنا علي ابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، ونحن جماعه بعد ما قضينا نسكنا فودعناه، وقلنا له: اوصنا يا ابن رسول الله، فقال: ليعن قويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم علي فقيركم، ولينصح الرجل اخاه كنصحه لنفسه، وكتموا اسرارنا ولا تحملوا الناس علي اعناقنا، وانظروا امرنا وما جاءكم عنا، فان وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وان لم تجدوه موافقا فردوه، وان اشتبه الامر عليكم فقفوا عنده وردوه الينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فاذا كنتم كما اوصينكم لم تعدوا الى غيره، فمات منكم ميت قبل ان يخرج قائمنا كان شهيدا، ومن ادرك (منكم)(4) قائمنا فقتل معه كان له اجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوا لنا كان له اجر عشرين شهيدا.(5)
النعماني مسندا عن جابر بن يزيد عن ابي جعفر الباقر عليه السلام انه قال: اسكنوا ما سكنت السماوات والارض، اي لاتخرجوا علي احد، فان امركم ليس به خفاء الا انها آيه من الله عز وجل، ليست من الناس الا انها اضوا من الشمس لايخفي علي بر ولا فاجر، اتعرفون الصبح، فانه كالصبح ليس به خفاء.(6)
قال النعماني رحمه الله: انظروا رحمكم الله الى هذا التاديب من الائمه عليهم السلام، والي امرهم ورسمهم في الصبر والكف والانتظار للفرج، وذكرهم هلك المحاضير والمستعجلين، وكذب المتمنين ووصفهم نجاة المسلمين، ومدحهم الصابرين الثابتين وتشبيههم(7) اياهم علي(8) الثبتات، كثبتات(9) الحصن(10) علي اوتادها، فتادبوا رحمكم الله بتاديبهم، (وامتثلوا امرهم).(11) وسلموا لقولهم ولا تجاوزوا رسمهم... الخ.(12)
الصدوق عن ابي عبد الله(13) عليه السلام، قال: ياتي علي الناس زمان يغيب عنهم امامهم. فيا طوبي للثابتين علي امرنا في ذلك الزمان، ان ادني ما يكون هلم من الثواب، ان يناديهم الباري عز وجل، (فيقول)(14) عبادي (وامائي)(15) آمنتم بسري وصدقتم بغيبي، فابشروا بحسن الثواب مني، فانتم عبادي وامائي حقا، منكم اتقبل، وعنكم اعفو، ولكم اغفر، وبكم اسقي عبادي الغيث وادفع عنهم البلاء، ولو لا كم لانزلت عليهم عذابي، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله فما افضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان ولزوم البيت.(16)
وباسناده عن ابراهيم الكرخي، قال: دخلت علي ابي عبد الله عليه السلام واني لجالس عنده اذ دخل ابو الحسن موسي بن جعفر عليهما السلام وهو غلام، فقمت اليه فقبلته وجلست، فقال ابو عبد الله عليه السلام: يا ابراهيم اما انه (ل) صاحبك من بعدي، اما ليهلكن فيه قوم(17) ويسعد (فيه) آخرون، فلعن الله قاتله وضاعف علي روحه العذاب، اما ليخرجن الله من صلبه خير اهل الارض في زمانه، سمي جده، ووارث علمه واحكامه وفضائله، (و) معدن الامامه وراس الحكمه، يقتله جبار بني فلان بعد عجائب طريفه حسدا له، ولكن الله (عز وجل) بالغ امره ولو كره المشركون.
يخرج الله من صلبه تمام اثني عشر مهديا اختصهم الله بكرامته واحلهم دار قدسه، المقر بالثاني عشر منهم كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذب عنه، قال: فدخل رجل من موالي بني اميه، فانقطع الكلام، فعدت الى ابي عبد الله عليه السلام احد عشر مره اريد ان يستتم الكلام فما قدرت علي ذلك.
فلما كان قابل السنه الثانيه دخلت عليه وهو جالس فقال: يا ابراهيم (هو)(18) المفرج لكرب شيعته بعد ضنك شديد، وبلاء طويل، وجزع وخوف، قطوبي لمن ادرك ذلك الزمان، حسبك يا ابراهيم، (قال: ابراهيم)(19) فما رجعت بشيء اسرا من هذا لقلبي ولا اقر لعيني.(20)
في ذكر علة غيبته
روي الصدوق عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام يقول: في القائم منا سنن من سنن(21) الانبياء عليهم السلام، سنه من آدم، وسنه من نوح، وسنه من ابراهيم، وسنه من موسي، وسنه من عيسي، وسنه من ايوب، وسنه من محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم.
فاما من آدم عليه السلام ومن نوح عليه السلام فطول العمر، واما من ابراهيم عليه السلام فخفاء الولاده واعتزال الناس، واما من موسي عليه السلام فالخوف والغيبه، واما من عيسي عليه السلام فاختلاف الناس فيه، واما من ايوب عليه السلام فالفرج بعد البلوي، واما من محمد صلى الله عليه وآله وسلم فالخروج بالسيف.(22)
وعن عبد الله بن الفضل الهاشمي، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد صلوا تالله عليهما يقول: ان لصاحب هذا الامر غيبه لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل، فقلت له: ولم جعلت فدك؟ قال: لامر لم يوذن لنا في كشفه لكم، قلت: فما وجه الحكمه في غيبته؟ قال: وجه الحكمه في غيبته وجه الحكمه في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره، ان وجه الحكمه في ذلك لاينكسف الا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمه فيما (23) اتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينه، وقتل الغلام، واقامه الجدار لموسي عليه السلام الا وقت افتراقهما، يا ابن الفضل: ان هذا الامر امر من امرالله، وسر من سر الله،ر وغيب من غيب الله ومتي علمنا انه عز وجل حكيم صدقنا بان افعاله كلها حكمه، وان كان وجهها غير منكشف لنا.(24)
وعن حنان بن سدير عن ابيه عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: ان للقائم منا غيبه يطول امدها، فقلت له: ولم ذك يا ابن رسول الله؟ قال: ان الله عز وجل ابي الا ان يجري فيه سنن الانبياء عليهم السلام في غيباتهم، وانه لابدله يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله عز وجل: (لتركبن طبقا عن طبق)(25)، اي سننا علي(26) سنن من كان قبلكم.(27)
وعن ابن ابي عمير عمن ذكره عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال اميرالمؤمنين عليه السلام لم يقاتل مخالفيه في الاول؟ قال: لايه في كتاب الله عز وجل (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما)(28)، قال: قلت: وما يعني بتزايلهم؟ قال: ودائع مومنون في اصلاب قوم كافرين، فكذلك القائم عليه السلام، لن(29) يظهر ابدا حتى تخرج ودائع الله عز وجل، فاذا خرجت ظهر علي من ظهر من اعداء الله عز وجل فقتلهم.(30)
عن الاحتجاج عن اسحاق بن يعقوب انه ورد عليه من الناحيه المقدسه علي يد محمد بن عثمان رضي الله عنه: واما عله ما وقع من الغيبه، فان الله عز وجل يقول: (يا ايها الذين آمنوا لا تسالوا عن اشياء ان تبدلكم تسوكم)(31)، انه لم يكن احد من آبائي الا (وقد)(32) وقعت في عنقه بيعه لطاغيه زمانه، واني اخرج حين اخرج ولا بيعه لاحد من الطواغيت في عنقي، واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس اذا غيبها عن الابصار السحاب، واني لامان لاهل الارض كما ان النجوم امان لاهل السماء، فاغلقوا ابواب السؤال عما لايعنيكم، ولا تتكلفوا علي ما قد كفيتم، وكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فان ذلك فرجكم، والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب، وعلي من اتبع الهدي.(33)
روي الشيخ الصدوق باسناده عن علي بن جعفر عن اخيه موسي بن جعفر عليهما السلام، قال: اذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في اديانكم، ولا يزيلكم(34) احد عنها، يا بني، انه لابد لصاحب هذا الامر من غيبه حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به، انما هي محنه من الله عز وجل امتحن بها خلقه، ولو علم آباؤكم واجدادكم دينا اصح من هذا لاتبعكوه، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا (35) واحلاقكم(36) تضيق عن حمله، ولكن ان تعيشوا فسوف تدركونه.(37)،(38)
في علامات ظهوره
روي الصدوق رحمه الله باسناده عن محمد بن مسلم الثقفي، قال: سمعت ابا جعفر (محمد بن علي الباقر) عليه السلام يقول: القائم منا منصور بالرعب، مويد بالنصر، تطوي له الارض، وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله عز وجل به دينه (علي الدين كله)(39) ولو كره المشركون، فلا يبقي في الارض خراب الا عمر، وينزل روح الله عيسي بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه، قال: فقلت له: يا ابن رسول الله متي يخرج قائمكم؟ قال: اذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وكتلفي الرچال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادات الزور، وردت شهادات العدل، واستخف الناس بالدماء، وارتكاب الزنا، وكل الربا، واتقي الاشرار مخافه السنتهم، وخروج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بين الركن والمقام، اسمه محمد بن الحسن النفس الزكيه، وجاءت صيحه من السماء بان الحق فيه وفي شيعته.
فعند ذلك خروج قائمنا، فاذا خرج اسند ظهره الى الكعبه، واجتمع اليه ثلاثمائه وثلاثه عشر رجلا، فاول ما ينطق به هذه الايه: (بقيه الله خير لكم ان كنتم مومنين)(40)، ثم يقول: انا بقيه الله وحجته وخليفته عليكم، فلا يسلم عليه مسلم، الا قال: السلام عليك يا بقيه الله في ارضه، فاذا اجتمع اليه العقد وهو عشره آلاف رجل خرج، فلا يبقي في الارض معبود دون الله عز وجل، من صنم ووثن وغيره الا وقعت فيه نار فاحترق، وذلك بعد غيبه طويله ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويومن به.(41)
وباسناده الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في حديث ابي بن كعب الورد في فضائل الائمه عليهم السلام، وصفاتهم واحدا بعد واحد، قال في آخره: وان الله جل وعز ركب في صلب الحسن - يعني العسكري عليه السلام -، نطفه مباركه ناميه(42) زكيه طيبه طاهره مطهره، يرضي بها كل مومن ممن قد اخذ الله عز وجل عليه(43) ميثاقه في الولايه، ويكفر بها كل جاحد، فهو امام تقي نقي بار مرضي هاد مهدي اول العدل وآخره(44)، يصدق الله عز وجل ويصدقه الله في قوله، يخرج من تهامه حين تظهر الدلائل والعلامات، وله بالطاقان(45) كنوز لاذهب ولا فضه الا خيول مطهمه ورجال مسومه، يجمع الله عز وجل له من اقاصي البلدان(46) علي عد اهل بدر ثلاثمائه وثلاث عشر رجلا، معه عليه السلام صحيفه مختومه فيها عدد اصحابه باسمائهم وانسابهم وبلدانهم وصنائعهم(47) وحلاهم(48) وكناهم كدادون(49) مجدون في طاعته.
فقال له ابي: وما دلائله وعلاماته يا رسول الله؟ قال: له علم اذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه، وانطقه الله تبارك وتعالي، فناداه العلم: اخرج يا ولي الله واقتل اعداء الله، وهما (50) رايتان وعلامتان وله سيف مغمد، فاذا حان وقت خروج اقتلع ذلك السيف من غمده، وانطقه الله عز وجل، فناداه السيف: اخرج يا ولي الله فلا يحل لك ان تقعد عن اعداء الله، فيخرج ويقتل اعداءالله حيث ثقفهم، ويقيم حدود الله، ويحكم بحكم الله تعالى(51)، يخرج وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وشعيب وصالح علي مقدمته، فسوف تذكرون ما اقول لكم ولو بعد حين وافوض امري الى الله عز وجل، ياابي طوبي لمن لقيه، وطوبي لمن احبه، وطوبي لمن قال به، به ينجيهم الله من الهلكه، وبالاقرار بالله وبرسول الله وبجميع الائمه يفتح الله لهم الجنه مثلهم في الارض كمثل المسلك الذي يسطع ريحه فلا يتغير ابدا، ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير الذي لايطفي نوره ابدا.
قال ابي: يا رسول الله كيف بيان حال هؤلاء الائمه عن الله جل وعز؟ قال: ان الله تبارك وتعالي انزل علي اثني عشر خاتما واثنتي عشره صحيفه اسم كل امام علي خاتمه وصفته في صحيفته (صلي الله عليه وعليهم اجمعين).(52)
قال شيخنا المفيد رحمه الله في الارشاد: قد جاءت الاثار بذكر علامات لزمان قيام القائم المهدي عليه السلام، وحوادث تكون امام قيامه وآيات ودلالات:
فمنها: خروج السفياني، وقتل الحسني(53)، واختلاف بني العباس في الملك الدنيوي، وكسوف الشمس في النصف من شهر رمضان، وخسوف القمر في آخره علي خلاف العادات، وخسف بالبيداء، وخسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وركود الشمس من عند الزوال الى وسط اوقات العصر، وطلوعها من المغرب، وقتل نفس زكيه بظهر الكوفه في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام، وهل حائط مسجد الكوفه، واقبال رايات سود من قبل خراسان، وخروج اليماني، وظهور المغربي بمصر وتملكه الشامات، ونزول الترك الجزيره، ونزول الروم الرمله، وطلوع نجم بالمشرق، يضي ء كما يضيء القمر، ثم ينعطف حتى يكاد يلتقي طرفاه، وحمره تظهر في السماء وتلتبس(54) في آفاقها، ونار تظهر في المشرق طولا وتبقي في الجو ثلاثه ايام او سبعه ايام، وخلع العرب اعنتها وتملكها البلاد وخروجها عن سلطان العجم، وقتل اهل مصر اميرهم، وخراب الشام، واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب الى اهل مصر، ورايات كنده الى خراسان، وورود خيل من قبل المغرب حتى تربط بفناء الحيره، واقبال رايات سود من قبل المشرق نحوها.
وثبق(55) في الفرات حتى يدخل الماء ازقه الكوفه، وخروج ستين كذابا كلهم يدعي النبوه، وخروج اثني عشر من آل ابي طالب كلهم يدعي الامامه لنفسه، واحراق رجل عظيم القدر من شيعه بني العباس بين جلولاء وخانقين، وعقد الجسر مما يلي الكرخ بمدينه بغداد، وارتفاع ريح سوداء بها في اول النهار، وزلزله حتى ينخسف كثير منها، وخوف يشمل اهل العراق وبغداد وموت ذريع فيه، كو نقص من الاموال والانفس والثمرات، وجراد يظهر في اوانه وفي غير اوانه حتى ياتي علي الزرع والغلات، وقله ريع لما يزرعه الناس، واختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيره فيما بينهم، وخروج العبيد عن طاعه ساداتهم وقتلهم مواليهم، ومسخ لقوم(56) من اهل البدع حتى يصيروا قرده وخنازير، وغلبه العبيد علي بلاد السادات، ونداء من السماء حتى يسمعه اهل الارض (كلهم)(57)، اهل كل لغه بلغتهم، ووجه وصدر يظهران من السماء للناس في عين الشمس، واموات ينشرون من القبور حتى يرجعوا الى الدنيا فيتعارفون فيها ويتزاورون، ثم يختم ذلك باربع وعشرين مطره تتصل فتحيي بها (58) الارض بعد موتها وتعرف بركاتها.
ويزول بعد ذلك كل عاهه من(59) معتقدي الحق من شيعه المهدي عليه السلام، فيعرفون عند ذلك ظهوره بمكه ويتوجهون نحوه لنصرته كما جاءت بذلك الاخبار، ومن جمله هذه الاحداث محتومه، وفيها مشترطه(60)، والله اعلم بما يكون، وانما ذكرناها علي حسب ما ثبتت في الاصول وتضمنتها الاثار المنقوله، وبالله نستعين واياه نسال التوفيق.(61)
اخبرني ابو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثني جعفر المودب(62) عن احمد بن ادريس عن علي بن محمد بن(63) قتيبه عن الفضل بن شاذان عن اسماعيل بن الصباح، قال: سمعت شيخا من اصحابنا يذكر عن سيف بن عميره، قال: كنت عند ابي جعفر المنصور، فقال لي: ابتداء يا سيف بن عميره، لابد من مناد ينادي من السماء باسم رجل من ولد ابي طالب.
فقلت: جعلت فدك يا اميرالمؤمنين تروي هذا؟ قال: اي والذي نفسي بيده لسماع اذني له، فقلت له: يا اميرالمؤمنين ان هذا الحديث ما سمعته قبل وقتي هذا، قال: يا سيف انه لحق، فاذا كان فنحن اول من يجيبه، اما انالنداء لرجل من بني عمنا، فقلت: رجل من ولد فاطمه عليها السلام؟ فقال: نعم يا سيف لولا اني سمعت(64) من ابي جعفر محمد بن علي عليهما السلام يحدثني به، وحدثني به اهل الارض كلهم ما قبلته منهم، ولكنه محمد بن علي عليهما السلام.(65)
وروي يحيي بن ابي طالب عن علي بن عاصم بن عطا بن السائب عن ابيه عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لاتقوم الساعه حتى يخرج المهدي من ولدي، ولا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذابا كلهم، يقول انا نبي.(66)
حدثني الفضل بن شاذان، عمن رواه عن ابي حمزه الثمالي، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: خروج السفياني من المحتوم؟ قال: نعم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من مغربها من المحتوم، واختلاف بني العباس في الدوله من المحتوم، وقتل النفس الزكيه محتوم، وخروج القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم محتوم، قلت: وكيف يكون النداء؟ قال ينادي من السماء اول النهار: الا ان الحق مع علي وشيعته، ثم يناي ابليس في آخر النهار (من الارض)(67) الا ان الحق مع عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون.(68)
الهوامش:
(1) كمال الدين: ج 1 ص 287 ح 6، شعب الايمان: ج 2 ص 43 ح 1124 وفيه:(افضل اعمال امتي انتظار الفرج).
(2) كمال الدين: ج 2 ص 646 قطعه من ح 7.
(3) المحاسن: ص 174 ح 175.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطيه والمطبوعه، واثبتناه من المصدر.
(5) امالي الطوسي: ج 1 ص 236.
(6) كتاب الغيبه للنعماني: ص 134.
(7) في المصدر:(ونسبهم).
(8) في المصدر:(الي).
(9) (كثبتات) لم ترد في المصدر.
(10) في المصدر: (الحصين).
(11) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(12) كتاب الغيبه للنعماني: ص 134، وما قاله النعماني رحمه الله لم يرد في المطبوعه واثبتناه من الخطيه.
(13) في المصدر:(ابي جعفر الباقر عليه السلام).
(14) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(15) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(16) كمال الدين: ج 2 ص 330 ح 15.
(17) في المصدر:(اقوام).
(18) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(19) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(20) كمال الدين: ج 2 ص 334 ح 5، وعنه البحار: ج 51 ص 144 ح 8.
(21) (سنن) لم ترد في المصدر.
(22) كمال الدين: ج 1 ص 321 ح 3.
(23) في خ ل (لما).
(24) كمال الدين: ج2 ص 481 ح 1.
(25) الانشقاق: 19.
(26) (سننا علي) لم ترد في المصدر.
(27) كمال الدين: ج 2 ص 480 ح 6، والبحار: ج 51 ص 142 ح 2.
(28) الفتح: 25.
(29) في المصدر:(لم).
(30) كمال الدين: ج 2 الباب الرابع والخمسون ص 641.
(31) المائده: 101.
(32) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(33) الاحتجاج: ج 2 ص 471.
(34) في المصدر: (ولا يزيلنكم).
(35) في المصدر:(تضعف عن ذلك) بدل (تصغر عن هذا).
(36) (واحلاقكم) تصحيف والصحيح:(واحلامكم).
(37) في خ ل (تدركوه).
(38) كمال الدين: ج 2 باب ما روي عن ابي الحسن موسي بن جعفر عليهماالسلام ص 359 ح 1، وعنه البحار: ج 51 ص 150 ح 1.
(39) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(40) هود: 86.
(41) كمال الدين: ج 2 ص 330 ح 16.
(42) (ناميه) لم ترد في المصدر.
(43) (عليه) لم ترد في المصدر.
(44) في خ ل (يحكم بالعدل ويامر به).
(45) طالقان:- بعد الالف لام مفتوحه وقاف وآخره نون - بلدتان احداهما: بخراسان بين مرو الروذ وبلخ بينها وبين مرو الروذ ثلاث مراحل، والاخري: بلده وكوره بين قزوين وابهر وبها عده قري يقع عليها هذا الاسم، واليها ينسب الصاحب بن عباد (انظر معجم البلدان: ج 4 ص 491).
(46) في المصدر:(البلاد).
(47) في خ ل (طبائعهم).
(48) في الصمدر: (وكلامهم).
(49) في المصدر:(كرارون).
(50) في خ ل:(له).
(51) (تعالي) لم ترد في المصدر.
(52) كمال الدين: ج 1 ص 267 ذيل ح 11.
(53) ورد في النسخه الخطيه (الحسيني) وما اثبتناه هو الصحيح.
(54) في خ ل (تنتشر).
(55) في خ ل (تنتشر).
(56) في خ ل:(قوم).
(57) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(58) في خ ل:(به).
(59) في المصدر:(عن).
(60) في خ ل (ومنها مشروطه).
(61) الارشاد: ص 356 باب علامات قيام القائم عليه السلام.
(62) في المصدر:(الموذن).
(63) في خ ل:(عن).
(64) في خ ل:(سمعته).
(65) الارشاد: ص 358.
(66) الارشاد للمفيد: ص 358.
(67) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، واثبتناه من المصدر.
(68) الارشاد للمفيد: ص 358.
******************
في ظهور القائم
فاما السنه التي يقوم فيها القائم عليه وعلي آبائه السلام، واليوم بعينه فقد جاءت فيه آثار روي عن الصادقين عليهما السلام:
روي الحسن بن محبوب عن علي بن ابي حمزه عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: لايخرج القائم عليه السلام الا في وتر من السنين، سنه احدي او ثلاث او خمس او سبع او تسع.(1)
الفضل بن شاذان عن محمد بن علي الكوفي عن وهيب بن حفص عن ابي بصير، قال: ابو عبد الله عليه السلام: ينادي باسم القائم عليه السلام في ليله ثلاث وعشرين، ويقوم في يوم عاشوراء(2) وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليهما السلام، لكاني به في اليوم العاشر من المحرم قائما بين الركن والمقام، جبرائيل عن(3) يمينه ينادي البيعه الله، فتصير اليه شيعته من اطراف الارض تطوي لهم طيا حتى يبايعونه، فيملا الله به الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما.(4)
في مسيره اذا ظهر
وقد جاء الاثر بانه عليه وعلي آبائه السلام، يسير من مكه حتى ياتي الكوفه فينزل علي نجفها، ثم يفرق الجنود منها في الامصار.
وروي الحجال عن ثعلبه عن ابي بكر الحضرمي عن ابي جعفر عليه السلام قال: كاني بالقائم عليه السلام علي نجف الكوفه قد سار اليها من مكه في خمسه آلاف من الملائكه، جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد.(5)
وفي روايه عمرو بن شمر عن ابي جعفر عليه السلام، قال: ذكر المهدي، فقال: يدخل الكوفه وبها ثلاث رايات قد اضطربت، فتصفوا له ويدخل حتى ياتي المنبر فيخطب فلا يدري الناس ما يقول من البكاء، فاذا كانت الجمعه الثانيه ساله الناس ان يصلي بهم الجمعه، فيامر ان يخط له مسجد علي الغري ويصلي بهم هنك، ثم يامر من يحفر من ظه مشهد الحسين عليه السلام نهرا يجري الى الغريين حتى ينزل الماء في النجف، ويعمل علي فوهته القناطير والارحاء، فكاني بالعجوز علي راسها مكتل.(6)
فيه برتاتي تلك الارحاء فتحطحنه بلكري.(7)
وفي روايه صالح بن ابي الاسود، عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: ذكر مسجد السهله، فقال: اما انه منزل صاحبنا اذا قدم باهله.(8)
وفي روايه المفضل بن عمر، قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: اذا قام قائم آل محمد عليهم السلام بني في ظهر الكوفه مسجدا له الف باب، واتصلت بيوت اهل الكوفه بنهري كربلاء.(9)
في صفاته
وقد جاء الاثر بصفه القائم وحليته عليه السلام.
فروي عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، قال: سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول: سال عمر بن الخطاب اميرالمؤمنين عليه السلام، فقال: اخبرني عن المهدي ما اسمه؟ فقال: اما اسمه فان حبيبي عليه السلام عهد الى ان لا احدث به حتى يبعثه الله، قال: اخبرني عن صفته؟ قال: هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر(10) يسيل شعره علي منكبيه، ويعلو نور وجهه سواد شعر لحيته وراسه بابي ابن خيره الاماء.(11)
مسيرته واحكامه عند قيامه
واما سيرته عليه السلام عند قيامه وطريقه احكامه وما يبينه الله تعالى من آياته، فقد جاءت الاثار به حسب ما قدمناه.
فروي المفضل بن عمر الجعفي، قال: سمعت ابا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، يقول: اذا اذن الله تعالى للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعا الناس الى نفسه وناشدهم بالله ودعاهم الى حقه، وان يسير فيهم بسنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويعمل فيهم بعمله، فيبعث الله جل جلاله جبرائيل عليه السلام حتى ياتيه فينزل علي الحطيم يقول: الى اي شيء تدعو؟ فيخبره القائم عليه السلام، فيقول جبرئيل: انا اول من ابايعك(12) ابسط يدك، فيمسح علي يده وقد وافاه ثلاثمائه وبضعه عشر رجلا فيبايعونه، ويقيم بمكه حتى يتم اصحابه عشره آلاف نفس، ثم يسير منها الى المدينه.(13)
وروي محمد بن عجلان عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: اذا قام القائم عليه السلام دعا الناس الى الاسلام جديدا، وهداهم الى امر قد دثر فضل عنه الجمهور، وانما سمي القائم مهديا؛ لانه يهدي الى امر مضلول عنه(14)، وسمي بالقائم لقيامه بالحق.(15)
وروي عبد الله بن المغيره عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: اذا قام القائم من آل محمد عليهم السلام، اقام خمسمائه من قريش فضرب اعناقهم، ثم اقام خمسمائه اخري فضرب اعناقهم، ثم خمسمائه اخري، حتى يفعل ذلك ست مرات، قلت: ويبلغ عدد هؤلاء هذا، قال: نعم منهم ومن مواليهم.(16)
وروي ابو بصير، قال: ابو عبد الله عليه السلام: اذا قام القائم عليه السلام هدم المسجد الحرام حتى يرده الى اساسه، وحول المقام الى الموضع الذي كان فيه، وقطع ايدي بني شيبه وعلقها بالكعبه، وكتب عليها هؤلاء سراق الكعبه.(17)
وروي ابو الجارود عن ابي جعفر عليه السلام، في حديث طويل، انه قال: اذا قام القائم عليه السلام سار الى الكوفه فيخرج منها بضعه عشر الف نفس يدعون البتريه(18) فيقولون: له ارجع من حيث شئت(19)، فلا حاجه لنا في بني فاطمه، فيضع فيهم السيف حتى ياتي علي آخرهم، ثم يدخل الكوفه، فيقتل بها كل منافق مرتاب، ويهدم قصورها ويقتل مقاتلها حتى يرضي الله عز وعلا.(20)
وروي ابو خديجه عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: اذا قائم القائم عليه السلام جاء بامر جديد، كما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بدء الاسلام الى امر جديد.(21)
وروي علي بن عقبه عن ابيه، قال: اذا قام القائم عليه السلام حكم بالعدل، وارتفع في ايامه الجور وآمنت به السبل، واخرجت الارض بركاتها، ورد كل حق الى اهله، ولم يبق اهل دين حتى يظهروا الاسلام، ويعرفوا (22) بالايمان، اما سمعت الله سبحانه يقول: (وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون)(23)، وحكم بين الناس بحكم داود، وحكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فحينئذ تظهر الارض كنوزها، وتبدي بركاتها، ولايجد الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته، ولا لبره، لشمول الغني جميع المؤمنين، ثم قال: ان دولتنا آخر الدول ولم يبق اهل بيت لهم دوله الا ملكوا قبلنا، لئلا يقولوا اذا راوا سيرتنا: اذا ملكنا سرنا بمثل سيره(24) هؤلاء، وهو قول الله تعالى:(والعاقبه للمتقين)(25)(26)
وروي ابو بصير عن ابي جعفر عليه السلام في حديث طويل انه قال: اذا قام القائم عليه السلام سار الى الكوفه فهدم بها اربعه مساجد، ولم يبق مسجد علي وجه الارض له شرف الا هدمها، وجعلها جما (27) ووسع الطريق الاعظم، وكسر كل جناح خارج في الطريق، وابطل الكنف(28) والمازيب(29) (الي الطرقات)(30) ولا يترك بدعه الا ازالها، ولا سنه الا اقامها، ويفتح قسطنطينيه والصين وجبال الديلم، فيمكث علي ذلك سبع سنين، كل سنه عشر سنين من سنيكم(31) هذه، ثم يفعل الله ما يشاء، قال: قلت له: جعلت فدك فكيف يطول السنين؟ قال: يامر الله تعالى الفلك باللبوث وقله الحركه فتطول الايام لذلك والسنون، قال: قلت له: انهم يقولون ان الفلك ان تغير فسد، قال: ذلك قول الزنادقه، فاما المسلمون فلا سبيل لهم الى ذلك، وقد شق الله تعالى القمر لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون عليه السلام، واخبر بطول يوم القيامه وانه: (كالف سنة مما تعدون).(32)،(33)
وروي جابر عن ابي جعفر عليه السلام انه قال: اذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ضرب فساطيط لمن يعلم(34) الناس القرآن علي ما انزل الله عز وجل، فاصعب ما يكون علي من حفظه اليوم؛ لانه يخالف فيه التاليف.(35)
وروي المفضل بن عمر عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: يخرج مع القائم عليه السلام من ظهر الكوفه سبع وعشرون رجلا، خمسه عشر من قوم موسي عليه السلام الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون، وسبعه من اهل الكهف، ويوشع بن نون، وسليمان(36)، وابو دجانه الانصاري(37)، والمقداد، ومالك الاشتر، فيكونون بين يديه انصارا وحكاما.(38)
وروي عبد الله بن عجلان عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: اذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم حكم بين الناس بحكم داود عليه السلام، ولا يحتاج الى بينه، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كل قوم بما استبطنوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم. قال الله سبحانه: (ان في ذلك لايات للمتوسمين - وانها لبسبيل مقيم)،(39) انتهي.(40)
ولنختم الكلام بهذا الدعاء المروي عن الامام الهمام موسي بن جعفر صلوات الله عليهما:(اللهم صل علي محمد وآل محمد، وعلي منارك في عبادك، الداعي اليك باذنك القائم بامرك، المودي عن رسولك عليه وآله السلام، اللهم اذا اظهرته وفانجز له ما وعدته، وسق اليه اصحابه، وانصره وقو ناصريه، وبلغه افضل امله واعطه سوله، وجدد به عز محمد واهل بيته عليهم السلام، بعد الذل الذي قد نزل بهم، بعد نبيك فصاروا مقتولين مطرودين مشردين خائفين غير آمنين، لقوا في جنبك الاذي، والتكذيب ابتغاء مرضاتك وطاعتك، فصبروا علي ما اصابهم فيك، راضين بذلك مسلمين لك في جميع ما ورد عليهم وما يرد اليهم، اللهم عجل فرج قائمهم بامرك، وانصره وانصر به دينك، الذي غير وبدل، وجدد به ما امتحي منه وبدل بعد نبيك صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم صل علي جميع النبيين والمرسلين الذي بلغوا عنك الهدي، واعتقدوا لك المواثيق بالطاعه، اللهم صل عليهم وعلي ارواحهم واجسادهم والسلام عليهم رحمه الله وبركاته).
وفيما رسمناه من موجز تاريخهم عليهم السلام ومختصر من اخبارهم كفايه فيما قصدناه، والله ولي التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل، كتبه بيمناه الوازره عباس بن محمد رضا القمي في ليله الجمعه الاخر من شهر رمضان سنه 1343 في المشهد المقدس علي سكنه السلام.
الهوامش:
(1) الارشاد للمفيد: ص 361.
(2) في خ ل:(السبت).
(3) في خ ل (علي).
(4) الارشاد للمفيد: ص 361.
(5) الارشاد للمفيد: ص 362.
(6) المكتل: الزبيل الذي يحمل فيه التمر، وقيل: شبه الزبيل يسع خمسه عشر صاعا (انظر لسان العرب ماده:(كتل) ج 12 ص 30).
(7) المصدر السابق.
(8) المصدرالسابق.
(9) المصدر السابق.
(10) في خ ل: (الثغر).
(11) الارشاد للمفيد: ص 363.
(12) في المصدر: (يبايعك).
(13) الارشاد للمفيد، ص 363.
(14) في خ ل:(قد ضلوا عنه).
(15) الارشاد للمفيد: ص 364.
(16) نفس المصدر السابق.
(17) نفس المصدر السابق.
(18) البتريه: فرقه من الريديه، نسبوا الى المغيره بن سعد ولقبه الابتر (انظر الصحاح: ماده (بتر) ج 2 ص 584).
(19) في المصدر:(جئت).
(20) الارشاد للمفيد: ص 364.
(21) نفس المصدر السابق.
(22) في المصدر:(ويعترفوا).
(23) آل عمران: 83.
(24) في خ ل:(بسيره).
(25) القصص: 83.
(26) الارشاد للمفيد: ص 364.
(27) الجم: التي لا شرف لها (انظر تهذيب اللغه: ماده (جم) ج 10 ص 519).
(28) قال الازهري: اهل العراق يسمون ما اشرعوا اعالي دورهم كنيفا (انظر تهذيب اللغه: ماده (كنف) ج 10 ص 275).
(29) المازيب: هي مجاري الماء من السطح.
(30) ما بين المعقوفتين ساقط من الخطية والمطبوعة، وأثبتناه من المصدر.
(31) في المصدر: سنينكم.
(32) الحج: 47.
(33) الارشاد للمفيد: ص 365.
(34) في المصدر: (ويعلم) بدل (لمن يعلم).
(35) الارشاد للمفيد: ص 365.
(36) في المصدر: (سلمان).
(37) هو سمك بن خرشه ابو دجانه الانصاري الخزرجي، روي الصدوق في العلل، عن الصادق عليه السلام، قال: لما كان يوم احد انهزم اصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم،حتي لم يبق معه الا علي عليه السلام، وابو دجانه، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ام تري قومك؟ فقال: بلي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الحق بقومك، قال: ما علي هذا بايعت الله ورسوله، قال: انت في حل، قال: والله لاتحدث قريش اني خذلتك وفررت حتى اذوق ما تذوق فجزاه النبي عليه السلام خيرا (انظر معجم رجال الحديث: ج 8 ص 303).
(38) الارشاد للمفيد: ص 365.
(39) الحجر: 75 و76.
(40) الارشاد للمفيد: ص 365.