تصنیف نهج البلاغه

لبیب بیضون

نسخه متنی -صفحه : 86/ 28
نمايش فراداده

إنّ الأئمّة من قريش، غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، و لا تصلح الولاة من غيرهم. "الخطبة 142، 255"

ألا بأبي و أمّي، هم من عدّة، أسماؤهم في السّماء معروفة، و في الأرض مجهولة. "الخطبة 185، 346"

و قال "ع" لكميل بن زياد: اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة. إمّا ظاهرا مشهورا، أو خائفا مغمورا، لئلاّ تبطل حجج اللّه و بيّناته. و كم ذا و أين أولئك "استفهام عن عدد القائمين للّه و امكنتهم"؟ أولئك و اللّه الأقلّون عددا، و الأعظمون عند اللّه قدرا. يحفظ اللّه بهم حججه و بيّناته، حتّى يودعوها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم. "147 ح، 595"

اهل البيت المقام السامي لأهل البيت و بعض خصائصهم و كراماتهم وجوب اتباع أئمة أهل البيت الأئمة سبيل النجاة

مدخل:

نقصد بأهل البيت "ع" في حياة النبي "ص" الخمسة أصحاب العباء و هم: النبي "ص" و الامام علي و فاطمة و الحسن و الحسين "ع". و بشكل عام نقصد بهم: النبي "ص" و فاطمة،

و الائمة الاثنا عشر الذين أولهم علي "ع" و آخرهم المهدي "ع".

و لقد بوّأ اللّه سبحانه هذه السلالة الطاهرة المقام السامي بين المسلمين، حتى جعل الصلاة عليهم جزءا من الصلاة على النبي "ص". إضافة الى أنّه عصمهم من كل ذنب و عيب في قوله جل من قائل: إنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.

و قد بيّن النبي "ص" يوم الغدير أنه ترك للمسلمين ثقلين نفيسين هما القرآن و أهل البيت،

كما بيّن أنهما السبيل الوحيد لاجتناب الباطل و النجاة من الضلال، في قوله: 'إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبدا، الثّقلين: كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي'. ثم أوضح أن هذين الثقلين متلازمان على الحق لا يفترقان الى يوم القيامة، حيث

قال 'و إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض'. و أكد أنهما في درجة أعلى من كل الناس، فيجب اتباعهما و عدم التقدم عليهما، فقال: 'و لا تقدموهما فتهلكوا، و لا تقصروا عنهما فتهلكوا، و لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم'.

من هنا تظهر أهمية الامامة بعد النبي "ص" و ضرورتها، باعتبار أن الائمة هم مشعل العلم و راية الحق و منار الهداية و أعلام الدين و ألسنة الصدق، بهم يستعطى الهدى و يستجلى العمى. و هم حجج اللّه على خلقه و عرفاؤه على عباده.

هذا و ان اقتران القرآن بأهل البيت في حديث الثقلين له معان و دلالات عميقة:

1 أن أهل البيت "ع" لهم قيمة كبيرة تعادل القرآن.

2 أن القرآن بدون أهل البيت لا يكفي، لأن القرآن كتاب صامت حمّال وجوه،

و أهل البيت "ع" هم الذين يجعلونه ناطقا باعطائهم له التفسير الصحيح الذي سمعوه من النبي "ص"، فيحفظونه بذلك من التحريف و التزييف، و التغيير و التحوير مصداقا لقوله تعالى إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذَّكْرَ، وَ إنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.

3 ان النجاة و الفوز متوقفان على التمسك بأهل البيت "ع" و اتباع هديهم دون سواهم.

4 ان أهل البيت مع القرآن، و القرآن معهم، لا يفترقان الى يوم القيامة. و هذا يعنى أن وجود الائمة مستمر لا ينقطع مع وجود القرآن الى يوم القيامة.

النصوص:

قال الامام علي "ع":

في صفة أهل البيت "ع": هم موضع سرّه، و لجأ أمره، و عيبة علمه، و موئل حكمه، و كهوف كتبه، و جبال دينه. بهم أقام انحناء ظهره، و أذهب أرتعاد فرائصه... "الخطبة 2، 37"

لا يقاس بآل محمّد صلّى اللّه عليه و آله من هذه الأمّة أحد، و لا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا. هم أساس الدّين، و عماد اليقين. إليهم يفي ء الغالي، و بهم يلحق التّالي، و لهم خصائص حقّ الولاية، و فيهم الوصيّة و الوراثة، الآن إذ رجع الحقّ إلى أهله، و نقل إلى منتقله. "الخطبة 2، 38"

بنا اهتديتم في الظّلماء، و تسنّمتم ذروة العلياء، و بنا انفجرتم عن السّرار "السرار: آخر ليلة في الشهر يختفي فيها القمر و هو كناية عن الظلام". "الخطبة 4، 45"

و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا "يقصد معاوية" و ليقصّرن سبّاقون كانوا سبقوا "يقصد أهل البيت عليهم السلام". "الخطبة 16، 56"

و قال "ع" عن حاله قبل البيعة له: فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي، فضننت بهم عن الموت. "الخطبة 26، 74"

لما انتهت الى الامام "ع" أنباء السقيفة قال: فماذا قالت قريش؟ قالوا: احتجّت بأنّها شجرة الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. فقال عليه السّلام: احتجّوا بالشّجرة، و أضاعوا الثّمرة 'يعني عترة النبي "ص"'. "الخطبة 65، 122"

رحم اللّه امرءا سمع حكما فوعى... و أخذ بحجزة هاد فنجا. "الخطبة 74، 130"

فأين تذهبون، و أنّى تؤفكون؟ و الأعلام قائمة، و الآيات واضحة، و المنار منصوبة،

فأين يتاه بكم، و كيف تعمهون؟ و بينكم عترة نبيّكم و هم أزمّة الحقّ و أعلام الدّين و ألسنة الصّدق. فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، و ردوهم ورود الهيم العطاش.

أيّها النّاس: خذوها عن خاتم النّبيّين صلّى اللّه عليه و آله و سلّم "إنّه يموت من مات منّا و ليس بميّت، و يبلى من بلي منّا و ليس ببال". فلا تقولوا بما لا تعرفون، فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون. و اعذروا من لا حجّة لكم عليه و هو أنا ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر "أي القرآن"؟ و أترك فيكم الثّقل الأصغر "أي الحسن و الحسين"؟.

و قد ركزت فيكم راية الإيمان، و وقفتكم على حدود الحلال و الحرام، و ألبستكم العافية من عدلي، و فرشتكم المعروف من قولي و فعلي، و أريتكم كرائم الأخلاق من نفسي. "الخطبة 85، 155"

نحن أهل البيت، منها "أي الفتن" بمنجاة، و لسنا فيها بدعاة. "الخطبة 91، 184"

عترته خير العتر، و أسرته خير الأسر، و شجرته خير الشّجر، نبتت في حرم، و بسقت في كرم، لها فروع طوال، و ثمر لا ينال. "الخطبة 92، 186"

انظروا أهل بيت نبيّكم، فالزموا سمتهم، و اتّبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى، و لن يعيدوكم في ردى. فإن لبدوا فالبدوا، و إن نهضوا فانهضوا. و لا تسبقوهم فتضلّوا، و لا تتأخّروا عنهم فتهلكوا. "الخطبة 95، 190"

و قال "ع" بعد ذكر النبي "ص": و خلّف فينا راية الحقّ، من تقدّمها مرق، و من تخلّف عنها زهق، و من لزمها لحق، دليلها "أي الامام علي عليه السلام" مكيث الكلام "أي رزين" بطي ء القيام، سريع إذا قام. "الخطبة 98، 193"

ألا إنّ مثل آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله، كمثل نجوم السّماء، إذا خوى نجم طلع نجم. فكأنّكم قد تكاملت من اللّه فيكم الصّنائع، و أراكم ما كنتم تأملون. "الخطبة 98، 194"

أيّها النّاس: استصبحوا من شعلة مصباح واعظ متّعظ، و امتاحوا من صفو عين قد روّقت من الكدر "يقصد نفسه عليه السلام". "الخطبة 103، 200"

نحن شجرة النّبوّة، و محطّ الرّسالة، و مختلف الملائكة، و معادن العلم، و ينابيع الحكم. ناصرنا و محبّنا ينتظر الرّحمة، و عدوّنا و مبغضنا ينتظر السّطوة. "الخطبة 107، 213"

... و عندنا أهل البيت أبواب الحكم و ضياء الأمر. "الخطبة 118، 228"

فالزموا السّنن القائمة و الآثار البيّنة، و العهد القريب الّذي عليه باقي النّبوّة. "الخطبة 136، 250"

و قال الامام "ع" عن منزلة الائمة الاطهار: أين الّذين زعموا أنّهم الرّاسخون في العلم دوننا، كذبا و بغيا علينا، أن رفعنا اللّه و وضعهم، و أعطانا و حرمهم، و أدخلنا و أخرجهم. بنا يستعطى الهدى، و يستجلى العمى. إنّ الأئمّة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، و لا تصلح الولاة من غيرهم. "الخطبة 142، 255"

ثم قال "ع" فيمن تركوا أهل البيت و اتبعوا غيرهم: آثروا عاجلا، و أخّروا آجلا، و تركوا صافيا، و شربوا آجنا. كأنّي أنظر إلى فاسقهم، و قد صحب المنكر فألفه... "الخطبة 142، 255"

و اعلموا أنّكم لن تعرفوا الرّشد حتّى تعرفوا الّذي تركه، و لن تأخذوا بمثاق الكتاب حتّى تعرفوا الّذي نقضه، و لن تمسّكوا به حتّى تعرفوا الّذي نبذه. فالتمسوا ذلك من

عند أهله، فإنّهم عيش العلم، و موت الجهل. هم الّذين يخبركم حكمهم عن علمهم، و صمتهم عن منطقهم، و ظاهرهم عن باطنهم. لا يخالفون الدّين و لا يختلفون فيه، فهو بينهم شاهد صادق، و صامت ناطق. "الخطبة 145، 260"

و قال "ع" عن أئمة الدين، و ذلك من خطبة خطبها بعد مقتل عثمان: قد طلع طالع، و لمع لامع، و لاح لائح، و اعتدل مائل. و استبدل اللّه بقوم قوما، و بيوم يوما. و انتظرنا الغير انتظار المجدب المطر. و إنّما الأئمّة قوّام اللّه على خلقه، و عرفاؤه على عباده.

و لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفهم و عرفوه، و لا يدخل النّار إلاّ من أنكرهم و أنكروه. "الخطبة 150، 267"

نحن الشّعار و الأصحاب و الخزنة و الأبواب. و لا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها. فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقا. فيهم كرائم القرآن، و هم كنوز الرّحمن. إن نطقوا صدقوا، و إن صمتوا لم يسبقوا "الخطبة 152، 270" أسرته خير أسرة، و شجرته خير شجرة. أغصانها معتدلة، و ثمارها متهدّلة. "الخطبة 159، 285" ألا بأبي و أمّي، هم من عدّة، أسماؤهم في السّماء معروفة، و في الأرض مجهولة. "الخطبة 185، 346"

إنّما مثلي بينكم كمثل السّراج في الظّلمة، يستضي ء به من ولجها. "الخطبة 185، 347"

... فإنّه من مات منكم على فراشه، و هو على معرفة حقّ ربّه و حقّ رسوله و أهل بيته، مات شهيدا. "الخطبة 188، 353"

أيّها النّاس، من سلك الطّريق الواضح ورد الماء، و من خالف وقع في التّيه. "الخطبة 199، 395"

فنظرت فإذا ليس لي رافد و لا ذابّ و لا مساعد إلاّ أهل بيتي، فضننت بهم عن المنيّة. "الخطبة 215، 413"

فقلت: أصلة أم زكاة أم صدقة؟ فذلك محرّم علينا أهل البيت؟ فقال: لا ذا و لا ذاك و لكنّها هديّة. "الخطبة 222، 426"

و قال "ع" بعد أن أقدم أحدهم على الكلام فحصر: ألا و إنّ اللّسان بضعة من الإنسان، فلا يسعده القول إذا امتنع، و لا يمهله النّطق إذا اتّسع. و إنّا لأمراء الكلام، و فينا تنشّبت عروقه، و علينا تهدّلت غصونه. "الخطبة 231، 434"

و قال "ع" يذكر آل محمد "ص": هم عيش العلم و موت الجهل. يخبركم حلمهم عن علمهم، و ظاهرهم عن باطنهم، و صمتهم عن حكم منطقهم. لا يخالفون الحقّ و لا يختلفون فيه. و هم دعائم الإسلام و ولائج الاعتصام. بهم عاد الحقّ إلى نصابه، و انزاح الباطل عن مقامه، و انقطع لسانه عن منبته. عقلوا الدّين عقل وعاية و رعاية، لا عقل سماع و رواية. فإنّ رواة العلم كثير، و رعاته قليل. "الخطبة 237، 439"

و صلّى اللّه على سيّدنا محمّد النّبيّ الأمّيّ، و على آله مصابيح الدّجى و العروة الوثقى، و سلّم تسليما كثيرا. "الخطبة 239، 441"

و من كتاب له "ع" الى أهل الكوفة بعد فتح البصرة: و جزاكم اللّه من أهل مصر عن أهل بيت نبيّكم، أحسن ما يجزي العاملين بطاعته، و الشّاكرين لنعمته فقد سمعتم و أطعتم، و دعيتم فأجبتم. "الخطبة 241، 443"

و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا احمرّ البأس "أي اشتد القتال" و أحجم النّاس، قدّم أهل بيته، فوقى بهم أصحابه حرّ السّيوف و الأسنّة. فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر، و قتل حمزة يوم أحد، و قتل جعفر يوم مؤتة. و أراد من لو شئت ذكرت اسمه "يريد بذلك نفسه عليه السلام" مثل الّذي أرادوا من الشّهادة، و لكنّ آجالهم عجّلت، و منيّته أجّلت. "الخطبة 248، 448"

و من أجمل ذلك مناظرته "ع" مع معاوية مبينا فضل بني هاشم على غيرهم، و أحقيته بالقرابة و الطاعة: أ لا ترى غير مخبر لك، و لكن بنعمة اللّه أحدّث، أنّ قوما استشهدوا في سبيل اللّه تعالى من المهاجرين و الأنصار و لكلّ فضل حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل: سيّد الشّهداء، "يقصد حمزة عم النبي"، و خصّه رسول اللّه صلّى

اللّه عليه و آله بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه أو لا ترى أنّ قوما قطّعت أيديهم في سبيل اللّه و لكلّ فضل حتّى إذا فعل بواحدنا ما فعل بواحدهم، قيل: الطّيّار في الجّنة و ذو الجناحين "يقصد أخاه جعفر" و لولا ما نهى اللّه عنه من تزكية المرء نفسه، لذكر ذاكر فضائل جمّة، تعرفها قلوب المؤمنين، و لا تمجّها آذان السّامعين. فدع عنك من مالت به الرّميّة، فإنّا صنائع ربّنا، و النّاس بعد صنائع لنا. لم يمنعنا قديم عزّنا، و لا عاديّ طولنا على قومك، أن خلطناكم بأنفسنا، فنكحنا و أنكحنا فعل الأكفاء، و لستم هناك و أنّى يكون ذلك، و منّا النّبيّ و منكم المكذّب "يقصد أبا جهل"، و منّا أسد اللّه و منكم أسد الأحلاف "يقصد أبا سفيان"، و منّا سيّدا شباب أهل الجنّة و منكم صبية النّار "يقصد أولاد مروان بن الحكم"، و منّا خير نساء العالمين و منكم حمّالة الحطب "و هي أم جميل بنت حرب عمة معاوية و زوجة أبي لهب"، في كثير ممّا لنا و عليكم.

فإسلامنا قد سمع، و جاهليّتنا لا تدفع "أي أن شرفنا في الجاهلية لا ينكر". و كتاب اللّه يجمع لنا ما شذّ عنّا، و هو قوله سبحانه و تعالى وَ أُوْلُوا الارْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ و قوله تعالى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا. وَ اللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ. فنحن مرّة أولى بالقرابة، و تارة أولى بالطّاعة.. "الخطبة 267، 468"

و قال "ع" من كتاب له الى عثمان بن حنيف عامله على البصرة: ألا و إنّ لكلّ مأموم إماما يقتدي به، و يستضي ء بنور علمه. "الخطبة 284، 505"

نحن النّمرقة "أي الوسادة" الوسطى، بها يلحق التّالي، و إليها يرجع الغّالي "أي أن أهل البيت هم القدوة المعتدلة للدنيا و الآخرة. فمن تقدمهم عصى و ظلم، و من تأخر عنهم هوى و هلك، و من اقتدى بهم اهتدى و سلم. و قد قيل خير الامور أوسطها".

"109 ح، 585" من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ للفقر جلبابا. "112 ح، 586" و سئل "ع" عن بني هاشم و بني أمية فقال: و أمّا نحن فأبذل لما في أيدينا، و أسمح

عند الموت بنفوسنا. و هم أكثر و أمكر و أنكر، و نحن أفصح و أنصح و أصبح. "120 ح، 587" روى الشريف الرضي عليه الرحمة عن كميل بن زياد أنه قال: أخذ بيدي أمير المؤمنين "ع" فأخرجني الى الجبان، فلما أصحر تنفس الصعداء، ثم قال:

يا كميل إنّ هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ عنّي ما أقول لك. النّاس ثلاثة: فعالم ربّانيُّ، و متعلّم على سبيل نجاة، و همج رعاع أتباع كلّ ناعق، يميلون مع كلّ ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، و لم يلجؤوا إلى ركن وثيق... إنّ ههنا لعلما جمّا، لو أصبت له حملة. "147 ح، 593" و قال "ع" لكميل بن زياد: اللّهمّ بلى لا تخلو الأرض من قائم للّه بحجّة. إمّا ظاهرا مشهورا، أو خائفا مغمورا، لئلاّ تبطل حجج اللّه و بيّناته. و كم ذا و أين أولئك؟

"استفهام عن عدد القائمين للّه و أمكنتهم" أولئك و اللّه الأقلّون عددا، و الأعظمون عند اللّه قدرا يحفظ اللّه بهم حججه و بيّناته، حتّى يودعوها نظراءهم، و يزرعوها في قلوب أشباههم. هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، و باشروا روح اليقين،

و استلانوا ما استوعره المترفون، و أنسوا بما استوحش منه الجاهلون، و صحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالمحلّ الأعلى. أولئك خلفاء اللّه في أرضه، و الدّعاة إلى دينه. آه آه شوقا إلى رؤيتهم. "147 ح، 595" إنّ اللّه تبارك و تعالى طهّرنا و عصمنا و جعلنا شهداء على خلقه و حججا على عباده،

و جعلنا مع القرآن و جعل القرآن معنا، لا نفارقه و لا يفارقنا. "مستدرك النهج ص 183"

فاطمة الزهراء

من كلام له "ع" عند دفن زوجته سيدة النساء فاطمة "ع" يناجي به الرسول "ص":

السّلام عليك يا رسول اللّه، عنّي و عن ابنتك النّازلة في جوارك، و السّريعة اللّحاق

بك. قلّ يا رسول اللّه عن صفيّتك صبري، و رقّ عنها تجلّدي. إلاّ أنّ في التّأسّي لي بعظيم فرقتك، و فادح مصيبتك، موضع تعزّ. فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك،

و فاضت بين نحري و صدري نفسك. فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون. فلقد استرجعت الوديعة،

و أخذت الرّهينة. أمّا حزني فسرمد، و أمّا ليلي فمسهّد. إلى أن يختار اللّه لي دارك الّتي أنت بها مقيم. و ستنبّئك ابنتك بتضافر أمّتك على هضمها. فأحفها السّؤال، و استخبرها الحال. هذا و لم يطل العهد، و لم يخل منك الذّكر. و السّلام عليكما سلام مودّع، لا قال و لا سئم. فإن أنصرف فلا عن ملآلة، و إن أقم فلا عن سوء ظنّ، بما وعد اللّه الصّابرين. "الخطبة 200، 395"

و قال "ع" لمعاوية في مقابلة بين قوميهما: و منّا خير نساء العالمين "و هي فاطمة عليها السلام" و منكم حمّالة الحطب "و هي عمة معاوية و زوجة أبي لهب". "الخطبة 267، 469"

لامت الامام "ع" زوجته فاطمة "ع" على قعوده و اطالت تعنيفه، و هو ساكت حتى أذّن المؤذن، فلما بلغ الى قوله 'أشهد أن محمدا رسول اللّه' قال لها: أتحبّين أن تزول هذه الدّعوة من الدّنيا؟ قالت: لا، قال فهو ما أقول لك. "735 حديد" قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: إن اجتمعوا عليك فاصنع ما أمرتك، و إلاّ فالصق كلكلك بالأرض، فلمّا تفرّقوا عنّي جررت على المكروه ذيلي، و أغضيت على القذى جفني، و الصقت بالأرض كلكلي. "736 حديد" و من كلام له "ع" اجاب به الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء "ع" لما رجعت اليه من فدك غضبى: لا ويل لك، بل الويل لشانئيك. نهنهي عن وجدك يا ابنة الصّفوة، و بقيّة النّبوّة، فو اللّه ما ونيت عن ديني، و لا أخطأت مقدوري. فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون، و كفيلك مأمون، و ما أعدّ لك خير ممّا قطع عنك. فاحتسبي اللّه.

فقالت: حسبي اللّه و نعم الوكيل. "مستدرك النهج ص 77"

السبطان الحسن و الحسين

قالوا: أخذ مروان بن الحكم أسيرا يوم الجمل، فاستشفع الحسن و الحسين عليهما السلام الى أمير المؤمنين عليه السلام، فكلماه فيه. فخلى سبيله، فقالا له: يبايعك يا أمير المؤمنين؟

فقال عليه السلام: أو لم يبايعني بعد قتل عثمان لا حاجة لي في بيعته إنّها كفّ يهودية "أي غادرة". "الخطبة 71، 128"

و قال "ع": و اعذروا من لا حجّة لكم عليه و هو أنا ألم أعمل فيكم بالثّقل الأكبر "أي القرآن"؟ و أترك فيكم الثّقل الأصغر "أي ولديه الحسن و الحسين عليهما السلام"؟. "الخطبة 85، 155"

من كلام للامام "ع" في بعض أيام صفين، و قد رأى ابنه الحسن "ع" يتسرع الى الحرب: أملكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فإنّني أنفس "أي أضن و أبخل" بهذين يعني الحسن و الحسين عليهما السّلام على الموت، لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. "الخطبة 205، 399"

و قال "ع" لمعاوية في مقابلة بين قوميهما: و منّا سيّدا شباب أهل الجنّة "أي الحسن و الحسين عليهما السلام" و منكم صبية النّار "يقصد بهم أولاد مروان بن الحكم، أخبر النبي عنهم و هم صبيان بأنهم من أهل النار، و مرقوا عن الدين في كبرهم" "الخطبة 267، 469"

و من كتاب له "ع" الى أحد عماله: و و اللّه لو أنّ الحسن و الحسين فعلا مثل الّذي فعلت، ما كانت لهما عندي هوادة، و لا ظفرا منّي بإرادة، حتّى آخذ الحقّ منهما، و أزيح الباطل عن مظلمتهما. "الخطبة 280، 499"

و قال "ع" متخوفا على الحسن و الحسين "ع": اللّهمّ إنّي أستعديك على قريش، فإنّهم أضمروا لرسولك صلّى اللّه عليه و آله ضروبا من الشّر و الغدر، فعجزوا عنها، و حلت