قوله: قد مضت لنا اصول نحن فروعها، منقول عن منوچهر الملك فى الكتب القديمه، و التوارد يتفق فى الاشعار و الحكم و المواعظ.
قوله: ان عوازم الامور افضلها، يعنى الامور القديمه.
و العوزم الناقه المسنه و العوزم العجوز.
قال الشاعر: لعوزم و صبيه سغاب.
قوله: و اعلمو انكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذى تركه، قيل: يحتمل معناه ان الحق لا يمكن معرفته بتفاصيله و احكامه، حتى يعرف من خالف الحق.
فاما نفس الحق على الجمله، فانه يعرف قبل معرفته بالمبطل.
و يحتمل ان المراد بقوله حتى تعرفوا الذى تركه، نفس الباطل.
فذكر تارك الحق و هو المبطل، و اراد نفس الباطل.
و هذا صحيح، لان من اراد ان يعرف الله، تعالى، لا يمكنه ان يعرفه حتى يعرف ان ساير الاشياء التى شاهدها و يتوهمها ليس فيها ما يعبد و يكون الها.
و هذا تفصيل قول القائل: (لا اله الا هو)، و فرق بينهما.
فان احدهما توحيد الخواص و الاخر توحيد العوام.
و اشار الى هذا المعنى سيدالمرسلين ايضا، عليه الصلوه السلام، قال: من كفر بالجبت و الطاغوت، فقد آمن بالله.
و تصديق ذلك فى كتاب الله، تعالى: فمن تكفر بالطاغوت (116 پ) و يومن بالله، فقد استمسك بالعروه الوثقى لا انفصام لها.
و العرب يسمى الكاهن و الكاهنه الجبت و الطاغوت.
قال جابر بن عبدالله: الجبت فى حبشه و الطاغوت فى اسلم.
و قال: بعض اللغويين: الجبت السحر، و الطاغوت الكاهن.
قيل: الجبت ليس من محض العربيه، لاجتماع الباء و التاء فى كلمه واحده من غير صرف.
قوله: و الطاغوت فا عول من الطغيان.
و قيل الجبت و الطاغوت الشياطين.
فالتمسوا ذلك من عند اهله، اشاره الى ان من لم يقف على اهل مطلبه لم يفز بمطلبه، كما ان من لم يقف على معدن الذهب و الفضه، لم يفز بهما، قال الذهب لا يوجد من معادن الملح و النفط و الكبريت.
و قوله: عليه السلام: وصمتهم عن منطقهم، فالمراد بذلك ان طاعتهم طاعتان: طاعه بالظاهر، و طاعه بالباطن.
و طاعه الباطن اقرب الى القبول من طاعه الظاهر، فان المقصود من عمل البدن تغيير صفه القلب.
و ليس المراد من عمل القلب تغيير صفه البدن.
فان المسافر من منزل الدنيا الى الملكوت هو القلب.
فصمتهم يخبر عن منطقهم، لانهم اقبلوا بالكليه على اعمال القلوب.
و قال النبى، عليه السلام: نيه المومن خير من عمله.
قوله: شاهد صادق، فالصدق على سته اوجه: فالاول الصدق فى اللسان، فى المحاورات و المخاطبات، و الثانى الصدق فى المناجات، و الثالث الصدق فى النيه و العزم، و الرابع الصدق فى الوفاء و العهد، و الخامس الصدق فى الاحوال، و هو ان لا يظهر خلاف ما فى قلبه، و السادس الصدق فى المجاهده، و هو انه لا يقنع بظواهر الفضايل، كما قال الله، تعالى: انما المومنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا و جاهدوا فى سبيل الل ه باموالهم و انفسهم، اولئك هم (117 ر) الصادقون.
قوله: صامت ناطق، اى ينطق بالقلب و لسان الحال، و الله اعلم.