بيانه: اخبر عليه السلام عن نفسه بانه يحمد الله بظاهر كلامه، و امر غيره من فحواه بان يحمد الله، و انه ثابت على ذلك مده حياته، و يجب على المكلفين ثبوتهم عليه مابقوا.
و لو قال (احمد الله) لم يعلم منه جميع ذلك.
و الحمد اعم من الشكر، و الله اخص من الاله.
ثم قال (الذى لايبلغ مدحته القائلون) اظهر العجز عن القيام بواجب مدائحه فكيف بمحامده، و المعنى ان الحمد كل الحمد ثابت للمعبود الذى حقت له العباده فى الازل و استحقها حين خلق الخق، و انعم باصول النعم التى يستحق بها العباده الذى لايصل قائل الى كنه مدحه، و المدحه فعله كالركبه و المشيه و الجلسه التى هى حاله الركوب و هيئه المشى و غايه اكثر الجلوس.
و المدح يستحق بفعل الواجب و بفعل ماله صفه الندب و بالتحرز من القبيح.
و الحمد و المدح يكون بالقول و الفعل، و الالف و اللام فى قوله (القائلون) لتعريف الجنس، كمثلهما فى الحمد.
و لو قال (الحمد لله الذى لايبلغ مدحه قائل) لكان ايضا عاما شائعا، الا انه خصص القائلين المبالغين فى ذلك ليكون آكد لفظا و معنى، و داعى الجمعيه و عذوبه اللفظ.
و البلوغ الوصول بل هو اعم، يقال: بلغت المكان اذا اشرفت عليه و ان لم تدخله، قال الله تعا لى (فاذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف)، و هذه مشارفه.
و اذا لم يشرف على حمده تعالى بالقول فكيف يوصل اليه بالفعل.
و الاله مصدر بمعنى المالوه.
و اما قوله (و لايحصى نعمائه العادون) فهو اشاره الى ماروى ان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال: يا على ما اول ما انعم الله به عليك؟ فقال: ان خلقنى حيا قادرا مشتهيا.
فقال: و ما الثانيه؟ قال: ان عرفنى نفسه و مكننى من طاعته و لطف معى توفيقا و عصمه.
فقال النبى صلى الله عليه و آله و سلم: و ما الثالثه؟ فقال: يا رسول الله (و ان تعدوا نعمه الله لاتحصوها).
فقال: ملئت علما و حكمه.