(بيانه): هذا بسر بن ارطاه احد بنى عامر بن لوى، ذكره المبرد، و كان قائدا من قواد معاويه، و كان على عليه السلام يستنفر الناس الى الجهاد نحو معاويه فيتثاقلون حتى تحرك معاويه من الشام، فقال على عليه السلام على المنبر: ما هى: اى ما المملكه.
الا الكوفه: اى املكها.
اقبضها و ابسطها: اى اتصرف فيها، يعنى ان لم تكن لنا فى هذه الدنيا الواسعه الا ارض الكوفه فلاكانت و لا هبت ريح دولتها.
ذكر اولا الكوفه على سبيل الاخبار عنها، ثم التفت و خاطبها.
و هذا نوع من الفصاحه يسمى التفنن فى الكلام، كما قال تعالى (الحمد لله رب العالمين) ثم خاطب فقال (اياك نعبد (و اياك نستعين)).
و الاعصار: ريح تثير سحابا ذات رعد و برق، و قيل هى ريح تثير الغبار و يرفع الى السماء كانه عمود.
و قال تعالى (فاصابها اعصار فيه نار) و هى ريح لاتكون لها شده عظيمه، و تكنى بالريح عن الدوله.
و قبحك الله عن الخير: اى نحاه عنه فهو من المقبوحين.
و قبحك الله بالتشديد من القبيح.
و الوضر: الدسم و الدرن.
و معنى البيت انه اقسم فقال: بقاء و الدك الصالح فسمى ابى على وضر قليل من الخير الذى فى هذا الاناء، اى لا منفعه له فيه.
و ذا للاشاره.
و روى (من ذى الاناء) ي عنى الذى فى الاناء، يعنى اللبن.
يقال ضربه حتى القى داء بطنه: اى رجيعه.
و يقال الذئب يغيط بذى بطنه.
قال الراعى: و لما قضت من ذى الاناء لبانه ارادت الينا حاجه لانريدها يقول: لما قضت تلك المراه حاجتها من اللبن الذى فى الاناء رغبت فيما رغبت عنه.
و قوله (سيدالون منكم) اى تكون لهم الدوله دونكم.
و ذكر عله ذلك، و هى خصال اربع فيهم، و هى: اجتماعهم و طاعتهم و امانتهم و صلاحهم.
و على عكسها فيكم.
و انما مل صحبه اصحابه لان اكثر اصحابه هم الذين كانوا رتبوا امر من قبله عليه السلام فى الامر، فلم يكن فيهم من مائه واحد من خواصه، و هو عليه السلام يداريهم.
و مللهم من صحبته، لانه عليه السلام كان خشنا فى دين الله.
و انما جمع بين السام و الملل- فهما بمعنى- لان المراد بالملل الضجر من القول و السام من الفعل، او الملل و هو ضجر فى العلانيه و السامه ضجر السر.
على ان الملاله اعم من السامه، فدعا لنفسه ان بدله الله بهم خيرا منهم و لم يكن فيهم خير البته.
و حسن ان يقال هذا لقوله تعالى (افمن يلقى فى النار خير ام من ياتى آمنا يوم القيامه) و كقوله (قل اذلك خير ام جنه الخلد).
و لايخفى انه ليس فى نار جهنم خير للكافر.
و طلبه عليه السلام بدلاعنهم، يجوز ان يكون ذلك فى الدنيا، بان يهيى ء الله و يوفق قوما صلحاء و يجتمعون اليه، او يكون ذلك تمنيا لما بعد الموت من صحبه الرسول صلى الله عليه و آله و سلم.
و قوله (و ابدلهم بى شرا منى) و لم يكن فيه شر، و انما مورد الكلام على ما هو ع ند القوم و على وفق اعتقادهم، فكان معناه: اخذلهم يا رب كما خذلونى بحيث لو كان لهم بعدى و ال ظالم خل بينه بينهم.
و روى لما دعا عليه السلام هذا الدعاء ولد بعد ذلك الحجاج بن يوسف عن قريب و صحبته مع اهل الكوفه و غير هم فى الاهلاك و الظلم معروفه.
و قوله (اللهم مث قلوبهم) اى اجعلها ذائبه، يقال: مثت الشى ء فى الماء و مثته و اميثه و موثه اى دفته.
و قيل ان تمنيه بدلا من هولاء فرسانا من بنى فراس بن غنم، لانهم مع كفرهم يستقيمون فى طريقه المصاحبه، لايكون فيهم الفساد و الخيانه و العصيان و التفرق كما يكون فى هولاء.
و بنوفراس بن غنم اهل الروم، و قيل فيه غير ذلك.
اى لو كان بدل هولاء المولفه قلوبهم لكان اولى.
و البيت الذى تمثل به لابى جندب الهذلى يخاطب امراه.
و اول الابيات: الا يا ام زيباع اقيمى صدور العيش نحو بنى تميم ثم يقول فيها (هنالك لو دعوت اتاك منهم) البيت.
و قد شرحه الرضى.