تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 1 -صفحه : 839/ 361
نمايش فراداده

أعقابهم الأمير أبو زكريّا يحيى ابنالسّلطان أبي إسحاق إبراهيم رابع خلفائهمو استحدث ملكا بجباية و قسنطينة و ماإليها، أورثه بنيه و قسموا به الدّولةقسمين ثمّ استولوا على كرسيّ الحضرة بتونسثمّ انقسم ما بين أعقابهم ثمّ عادالاستيلاء فيهم و قد ينتهي الانقسام إلىأكثر من دولتين و ثلاث و في غير أعياصالملك من قومه كما وقع في ملوك الطّوائفبالأندلس و ملوك العجم بالمشرق و في ملكصنهاجة بإفريقيّة فقد كان لآخر دولتهم فيكلّ حصن من حصون إفريقية ثائر مستقلّبأمره كما تقدّم ذكره و كذا حال الجريد والزّاب من إفريقية قبيل هذا العهد كمانذكره و هكذا شأن كلّ دولة لا بدّ و أن يعرضفيها عوارض الهرم بالتّرف و الدّعة وتقلّص ظلّ الغلب فينقسم أعياصها أو منيغلب من رجال دولتها الأمر و يتعدّد فيهاالدّول و الله وارث الأرض و من عليها.

الفصل السادس و الأربعون في أن الهرم إذانزل بالدولة لا يرتفع‏

قد قدّمنا ذكر العوارض المؤذنة بالهرم وأسبابه واحدا بعد واحد و بيّنّا أنّهاتحدث للدّولة بالطّبع و أنّها كلّها أمورطبيعيّة لها و إذا كان الهرم طبيعيّا فيالدّولة كان حدوثه بمثابة حدوث الأمورالطّبيعيّة كما يحدث الهرم في المزاجالحيوانيّ و الهرم من الأمراض المزمنةالّتي لا يمكن دواؤها و لا ارتفاعها لماأنّه طبيعيّ و الأمور الطّبيعيّة لاتتبدّل و قد يتنبّه كثير من أهل الدّولممّن له يقظة في السّياسة فيرى ما نزلبدولتهم من عوارض الهرم و يظنّ أنّه ممكنالارتفاع فيأخذ نفسه بتلافي الدّولة وإصلاح مزاجها عن ذلك الهرم و يحسبه أنّهلحقها بتقصير من قبله من أهل الدّولة وغفلتهم و ليس كذلك فإنّها أمور طبيعيّةللدّولة و العوائد هي المانعة له منتلافيها و العوائد منزلة طبيعيّة أخرىفإنّ من أدرك مثلا أباه و أكثر