أقبل في جند عظيم حتى نزل المدائن وملكها، و سمل أزرميدخت و قتلها، و قيلسمّها فماتت و ذلك لستة أشهر من ملكها، وملكوا بعدها رجلا من نسل أردشير بن بابك وقتل لأيام قلائل، و قيل بل هو من ولدأبرويز اسمه فرّوخزاذ بن خسرو وجدوهبحصن الحجارة قريب نصيبين، فجاءوا به إلىالمدائن و ملّكوه ثم عصوا عليه فقتلوه.
و قيل لمّا قتل كسرى بن مهرخشنش طلب عظماءفارس من يولّونه الملك و لو من قبل النساء،فأتى برجل وجد بميسان اسمه فيروز بنمهرخشنش و يسمى أيضا خشنشدة أمّه صهاربختبنت يراد قرّار بن أنوشروان فملّكوه كرها،ثم قتلوه بعد أيام قلائل.
ثم شخص رجل من عظماء الموالي و هو رئيسالخول إلى ناحية الغرب، فاستخرج من حصنالحجارة قرب نصيبين ابنا لكسرى كان لجأإلى طبسون فملّكوه، ثم خلعوه و قتلوه لستةأشهر من ملكه.
و قال بعضهم: كان أهل إصطخر قد ظفروابيزدجرد بن شهريار بن أبرويز فلما بلغهمأن أهل المدائن عصوا على ابن خسروفرّوخزاذ أتوا بيزدجرد من بيت النارالّذي عندهم و يدعى أردشير، فملّكوهبإصطخر و أقبلوا به إلى المدائن، و قتلوافرّوخزاذ خسرو لسنة من ملكه. و استقلّيزدجرد بالملك و كان أعظم وزرائه رئيسالموالي الّذي جاء بفرّخزاد خسرو من حصنالحجارة. و ضعفت مملكة فارس، و تغلبالأعداء على الأطراف من كل جانب، فزحفإليهم العرب المسلمون بعد سنتين من ملكه،و قيل بعد أربع، فكانت أخبار دولته كلها هيأخبار الفتح نذكرها هنالك إلى أن قتل بمروبعد نيف و عشرين سنة من ملكه.
فجميع سني العالم من آدم إلى الهجرة علىما يزعمه اليهود أربعة آلاف سنة و ستمائة واثنان و أربعون سنة، و على ما يدّعيهالنصارى في توراة اليونانيين ستة آلاف سنةغير ثمان سنين، و على ما يقوله الفرس إلىمقتل يزدجرد أربعة آلاف و مائة و ثمانونسنة و مقتل يزدجرد عندهم لثلاثين منالهجرة، و أمّا عند أهل الإسلام فبين آدم ونوح عشرة قرون و القرن مائة سنة و بين نوح وإبراهيم كذلك و بين إبراهيم و موسى كذلك ونقله الطبري عن ابن عبّاس و عن محمد بنعمرو بن واقد الإسلامي عن جماعة من أهلالعلم و قال: إنّ الفترة بين عيسى و بينمحمد صلّى الله عليه وسلّم ستمائة سنة ورواه عن سلمان الفارسيّ و كعب الأحبار والله أعلم بالحق في ذلك و البقاء للَّهالواحد القهّار.