تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 2 -صفحه : 613/ 427
نمايش فراداده

«467»

و بعث عمرو بن العاص إلى جيفر و عبد ابنيالجلندي (1) من الأزد بعمان مصدقا فأطاعواله بذلك. و استعمل صلّى الله عليه وسلّممالك بن عوف على من أسلم من قومه و من سلممنهم و ماله حوالي الطائف من ثقيف، و أمرهبمغادرة الطائف من التضييق عليهم ففعل حتىجاءوا مسلمين كما يذكر بعد. و حسن إسلامالمؤلفة قلوبهم ممن أسلم يوم الفتح أوبعده و إن كانوا متفاوتين في ذلك. و وفد علىالنبي صلّى الله عليه وسلّم كعب بن زهيرفأهدر دمه و ضاقت به الأرض، و جاء فأسلم وأنشد النبي صلّى الله عليه وسلّم قصيدتهالمعروفة بمدحه التي أوّلها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول‏

إلخ. و أعطاه بردة في ثواب مدحه فاشتراهامعاوية من ورثته بعد موته و صار الخلفاءيتوارثونها شعارا.

و وفد في سنة تسع على رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم بالمدينة بنو أسد فأسلموا وكان منهم ضرار بن الأزور، و قالوا: قدمنايا رسول الله قبل أن يرسل إلينا فنزلت«يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا 49:17» (الآية). و وفد فيها وفدتين في شهر ربيعالأول و نزلوا على رويفع بن ثابت البلوي. وأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّمبالمدينة بعد منصرفه من الطائف في ذيالحجة إلى شهر رجب من السنة التاسعة.

ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم: «و كانفي غزواته كثيرا ما يوري بغير الجهة التييقصدها على طريقة الحرب إلا ما كان من هذهالغزاة لعسرها بشدّة الحرب، و بعد البلادو فصل الفواكه و قلّة الظلال و كثرة العدوالذين يصدّون. و تجهز الناس على ما فيأنفسهم من استثقال ذلك، و طفق المنافقونيثبطونهم عن الغزو، و كان نفر منهميجتمعون في بيت بعض اليهود، فأمر طلحة بنعبيد الله أن يخرّب عليهم البيت فخرّبها(2). و استأذن ابن قيس من بني سلمة في القعودفأذن له و أعرض عنه، و تدرّب كثير منالمسلمين بالإنفاق و الحملان و كان منأعظمهم في ذلك عثمان بن عفّان يقال إنهأنفق فيها ألف دينار و حمل على تسعمائةبعير و مائة فرس و جهز ركابا.

و جاء بعض المسلمين يستحمل رسول الله صلّىالله عليه وسلّم فلم يجد ما يحملهم عليهفنزلوا باكين لذلك، و حمل بعضهم يامين بنعمير النضري و هما أبو ليلى بن كعب من بنيمازن بن النجّار و عبد الله بن المغفلالمزني. و اعتذر المخلفون من الأعراب‏

(1) و في نسخة اخرى: الى أهل حنين و عمرو بنالجلندي.

(2) و في النسخة الباريسية: ان يحرق عليهمالبيت فحرقها.