استبصارا (1) فيه، ثم قال: لعلّه إنما يمنعكمن الدخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهمفيوشك ان يفيض المال فيهم حتى لا يوجد منيأخذه، أو لعله يمنعك ما ترى من كثرةعدوّهم و قلة عددهم فو الله ليوشكنّ تسمعبالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتىتزور هذا البيت لا تخاف، أو لعلّك إنمايمنعك من الدخول فيه أنك ترى الملك والسلطان لغيرهم فيوشك أن تسمع بالقصورالبيض من بابل قد فتحت.
ثم أنزل الله على نبيّه الأربعين آية منأوّل براءة في نبذ هذا العهد الّذي بينه وبين المشركين أن لا يصدوا عن البيت، و نهواأن يقرب المسجد الحرام مشرك بعد ذلك، و أنلا يطوف بالبيت عريان، و من كان (2) بينه وبين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عهدفيتم له إلى مدّته، و أجلّهم أربعة أشهر منيوم النحر. فبعث رسول الله صلّى الله عليهوسلّم بهذه الآيات أبا بكر و أمّره علىإقامة الحج بالموسم من هذه السنة، فبلغ ذاالحليفة فأتبعه بعليّ فأخذها منه، فرجعأبو بكر مشفقا أن يكون نزل فيه قرآن، فقالله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: لم ينزلشيء و لكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني.فسار ابو بكر على الحج و عليّ على الأذانببراءة، فحج أبو بكر بالناس و هم على حجّالجاهلية، و قام عليّ عند العقبة يومالأضحى فأذّن بالآية التي جاء بها.
قال الطبريّ و في هذه السنة فرضت الصدقاتلقوله تعالى خُذْ من أَمْوالِهِمْصَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْبِها 9: 103 الآية. و فيها قدم وفد ثعلبة بنسعد (3) و وفد سعد هذيم من قضاعة. قالالطبريّ: و فيها بعث بنو سعد بن بكر ضمّام(4) بن ثعلبة وافدا فاستحلف رسول الله صلّىالله عليه وسلّم على ما جاء به من الإسلام،و ذكر التوحيد و الصلاة و الزكاة و الصيامو الحج واحدة واحدة حتى إذا فرغ تشهّد وأسلم، و قال:
لاؤديّ هذه الفرائض و أجتنب ما نهيت عنهثم لا أزيد عليها و لا انقص، فلما انصرفقال صلّى الله عليه وسلّم: إن صدق دخلالجنة، ثم قدم على قومه فأسلموا كلهم يومقدومه. و الّذي عليه الجمهور: أنّ قدومضمّام و قصّته كانت سنة خمس.
(1) و في نسخة ثانية: استبعادا. (2) و في نسخة الثانية: و إن كان. (3) و في نسخة ثانية: ثعلبة بن منقذ. (4) و في نسخة ثانية: ضمضام بن ثعلبة.