و أربعمائة، فولي مكانه أخوه القاسم بنحمود و تلقب بالمأمون. و نازعه في الأمربعد أربع سنين من خلافته يحيى ابن أخيهعليّ بسبتة، و كان أمير الغرب و وليّ عهدأبيه، فبعث إليه أشياعهم من البربر مالامع جند الأندلس سنة عشر و احتل بمالقة، وكان أخوه إدريس بها منذ عهد أبيهما، فبعثإلى سبتة و وصل إلى يحيى بن علي زاوي بنزيري من غرناطة، و هو عميد البرابرة ثانيةيومئذ، فزحف إلى قرطبة فملكها سنة اثنتيعشرة، و تلقب المعتلي و استوزر أبا بكر بنذكوان، و فرّ المأمون إلى إشبيلية و بايعله القاضي محمد بن إسماعيل بن عباد. واستمال بعضا من البرابرة ثانية، واستجاشهم على ابن أخيه و رجع إلى قرطبة سنةثلاث عشرة. و لحق المعتلي بمكانه من مالقةو تغلب على الجزيرة الخضراء عمل المأمونمن لدن عهد المستعين، و تغلب أخوه إدريسعلى طنجة من وراء البحر، و كان المأمونيعتدها حصنا لنفسه و بنيه، و يستودع بهاذخيرته، و بلغ الخبر إلى قرطبة بتغلبه علىقواعده و حصونه مع ما كان يتشدد على بنيأمية، فاضطرب أمر المأمون و ثار عليه أهلقرطبة و نقضوا طاعته، و بايعوا للمستظهر،ثم للمستكفي من بني أمية كما ذكرناه. وتحيّز المأمون و برابرته إلى الأرباضفاعتصموا به، و قاتلوا دونه و حاصرواالمدينة خمسين يوما. ثم صمّم أهل قرطبةلمدافعتهم فأفرجوا عن الأرباض و انفضتجموعهم سنة أربع عشرة. و لحق المأمونبإشبيليّة و بها ابنه محمد، و محمد بن زيريمن رجالات البربر فأطمعه القاضي محمد بنإسماعيل بن عبّاد في الملك و أن يمتنعوا منالقاسم فمنعوه و أخرجوا إليه ابنه و ضبطوابلدهم. ثم اشتدّ ابن عبّاد و أخرج محمد بنزيري، و لحق المأمون بشريش (1)، و رجع عنهالبربر إلى يحيى المعتلي ابن أخيه فبايعوهسنة خمس عشرة. و زحف إلى عمه المأمون بشريشفتغلب عليه، و لم يزل عنده أسيرا و عندأخيه إدريس من بعده بمالقة إلى أن هلك فيمحبسه سنة سبع و عشرين و أربعمائة، و استقليحيى المعتلي بالأمور، و اعتقل محمدا والحسن ابني عمه القاسم المأمون بالجزيرة،و وكل بهما أبا الحجاج من المغاربة، وأقاما كذلك. ثم خلع أهل قرطبة المستكفي، وصاروا إلى طاعة المعتلي و استعمل عليهمعبد الرحمن بن عطاف اليفرني من رجالاتالبربر، و فرّ المستكفي إلى ناحية الثغرفهلك بمدينة سالم. ثم نقض أهل قرطبة طاعةالمعتلي سنة
(1) مدينة كبيرة من كورة شذونة- بالأندلس- وهي قاعدة هذه الكورة و اليوم يسمّونها شرش(معجم البلدان).