تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 4 -صفحه : 696/ 386
نمايش فراداده

أحمد بمصر.

فتنة ابن طولون مع الموفق

لما استأمن الزنج و تغلّبوا على نواحيالبصرة، و هزموا العساكر بعث المعتمد إلىالموفّق، و كان المهتدي نفاه إلى مكة،فعهد له المعتمد بعد ابنه المفوّض، و قسّمممالك الإسلام بينهما. و جعل الشرقللموفّق و دفعه لحرب الزنج، و جعل الغربللمفوّض، و استخلف عليه موسى بن بغا، واستكتب موسى بن عبيد الله بن سليمان بنوهب. و أودع كتاب عهدهما في الكعبة. و سارالموفّق لحرب الزنج، و اضطرب الشرق، و قعدالولاة عن الحمل، و شكا الموفق الحاجة إلىالمال. و كان ابن طولون يبعث الأموال إلىالمعتمد يصطنعه بذلك، فأنفذ الموفّقنحريرا خادم المتوكّل إلى أحمد بن طولونيستحثّه لحمل الأموال و الطراز و الرقيق والخيل، و دسّ إليه أن يعتقله و اطلع علىالكتب، و قتل بعض القوّاد و عاقب آخرين وبعث مع نحرير ألفي ألف و مائتي ألف دينار ورقيقا و طرزا. و جمع الرسم و بعث معه منأسلمه إلى ثقة أناجور صاحب الشام. و لمافعل ابن طولون بنحرير ما فعل، كتب الموفّقإلى موسى بن بغا بصرف أحمد بن طولون عن مصرو تقليدها أناجور. فكتب إلى أناجوربتقليدها فعجز عن مناهضة أحمد، فسار موسىبن بغا ليسلّم إليه مصر، و بلغ الرقّة واستحثّ أحمد في الأموال، فتهيّأ أحمدلحربه، و حصّن الجزيرة معقلا لحربه وذخيرته. و أقام موسى بالرقّة عشرة أشهر، واضطرب عليه الجند و شغبوا و طالبوهبالأرزاق و اختفى كاتبه موسى بن عبيد اللهبن وهب، فرجع و توفي سنة أربع و ستين ومائتين ثم كتب الموفّق إلى ابن طولونباستقلال ما حمله من المال، و عنّفه وهدّده فأساء ابن طولون جوابه، و أنّ العمللجعفر بن المعتمد ليس لك فأحفظ ذلكالموفّق، و سأل من المعتمد أن يولّي علىالثغور من يحفظها، و أنّ ابن طولون لا يؤمنعليها لقلّة اهتمامه بأمرها، فبعث محمد بنهارون التغلبيّ عامل الموصل، و ركب السفنفألقته الريح بشاطئ دجلة، فقتله الخوارجأصحاب مسا و الساري‏