تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 4 -صفحه : 696/ 589
نمايش فراداده

تسع و خمسين و ثلاثمائة و قعد ابنه أبوالفتح، و كان شابا مليحا قد أبطره العزّ والدالة على أبيه، و كان يتعرّض كثيرا لمايغضبه. و كانت بأبي الفضل علّة النقرسفتزايدت عليه و أفحشت عليه، و لمّا وصل إلىهمذان توفي بها لأربع و عشرين سنة منوزارته، و أقام ابنه أبا الفتح مقامه وصالح حسنويه على مال أخذه منه، و عاد إلىالريّ إلى مكانه من خدمة ركن الدولة. و كانأبو الفضل بن العميد كاتبا بليغا، و عالمافي عدة فنون مجيدا فيها و مطّلعا على علومالأوائل، و قائما بسياسة الملك مع حسنالخلق و لين العشرة و الشجاعة المعروفةبتدبير الحروب، و منه تعلّم عضد الدولةالسياسية و به تأدّب.

انتقاض كرمان على عضد الدولة

و لما ملك عضد الدولة كرمان كما قلناهاجتمع القفص و البلوص و فيهم أبو سعيد وأولاده و اتفقوا على الانتقاض و الخلاف. واستمدّ عضد الدولة كورتكين بن حسّان بعابدبن عليّ، فسارا في العساكر إلى جيرفت وحاربوا أولئك الخوارج فهزموهم و أثخنوافيهم و قتلوا من شجعانهم، و فيهم ابن لأبيسعيد. ثم سار عابد بن عليّ في طلبهم و أوقعبهم عدّة وقائع و أثخن فيهم، و انتهى إلىهرمز فملكها و استولى على بلاد التّيز ومكران و أسر منهم ألف أسير (1) حتى استقامواعلى الطاعة و إقامة حدود الإسلام. ثم سارعائدا إلى طائفة أخرى يعرفون بالحروميّة والجاسكيّة (2) يخيفون السبيل برّا و بحرا، وكانت قد تقدّمت لهم إعانة سليمان بن أبيعليّ بن إلياس، فلمّا أوقع بهم أثخن فيهمحتى استقاموا على الطاعة و صلحت تلكالبلاد مدّة. ثم عاد البلوص إلى ما كانواعليه من إخافة السبيل بها، فسار عضدالدولة إلى كرمان في القعدة اثنتين وانتهى إلى السّيرجان و سرّح عابد بن عليّفي العساكر لاتباعهم، فأوغلوا في الهرب ودخلوا إلى مضايق يحسبونها تمنعهم، فلمازاحمتهم العساكر كربها آخر ربيع الأوّل منسنة إحدى و ستين و ثلاثمائة صابروا يوما،ثم انهزموا آخره فقتلت مقاتلتهم و سبيت‏

(1) يذكر ابن الأثير ان ابنين لأبي سعيدالبلوصي قد قتلا، و ان عابد بن علي قد اسرمن الخوارج الفين:

ج 8 ص 613.

(2) الحاسكيّة: المرجع السابق.