تاریخ ابن خلدون

عبدالرحمان بن محمد ابن خلدون

جلد 4 -صفحه : 696/ 64
نمايش فراداده

و خطب للعزيز بمكة و كان أمير مكة عيسى بنجعفر و المدينة طاهر بن مسلم، و مات في هذهالسنة فولي ابنه الحسن و ابن أخيه مكانه.

بقية أخبار أفتكين

و لما توفي المعز و ولي العزيز، قامأفتكين و قصد البلاد التي لهم بساحل الشامفبدأ بصيداء فحاصرها، و بها ابن الشيخ فيرءوس المغاربة و ظالم بن موهوب العقيليّفبرزوا إليه و قاتلوه فاستنجد لهم، ثم كرّعليهم و أوقع بهم و قتل منهم أربعة آلاف، وسار إلى عكة فحاصرها و قصد طبرية و فعلفيها مثل صيدا. و رجع و استشار العزيزوزيره يعقوب بن كلس فأشار بإرسال جوهرالكاتب إليه، فجهّزه العزيز و بعثه، وأقبل أفتكين على أهل دمشق يريهم التحوّلعنهم و يذكرهم بذلك ليختبرهم فتطارحواإليه، و استماتوا و استحلفهم على ذلك. ووصل جوهر في ذي القعدة سنة خمس و ستينفحاصر دمشق شهرين، و ضيّق حصارها و كتبافتكين إلى الأعصم ملك القرامطة يستنجده،فسار إليه من الأحساء و اجتمع إليهم منرجال الشام و العرب نحو من خمسين ألفا، وأدركوا جوهرا بالرملة و قطعوا عنه الماءفارتحل إلى عسقلان فحاصروه بها حتى بلغالجهد، و أرسل جوهر إلى أفتكين بالمغاربةو الوعد. و القرمطيّ يمنعه، ثم سأله فيالاجتماع فجاءه أفتكين، و لم يزل جوهريعتل له في الذروة و الغارب، و أفتكينيعتذر بالقرمطيّ و يقول أنت حملتني علىمداراته. فلما أيس منه كشف لهم عمّاهم فيهمن الضيق، و سأله الصنيعة و أنها يتّخذهاعند العزيز فحلف له على ذلك، و عزلهالقرمطيّ. و أراه جوهر أن يحمل العزيز علىالمسير بنفسه فصمّ من عزله و أبى إلّاالوفاء، و انطلق جوهر إلى مصر و أغرىالعزيز بالمسير إليهم، فتجهّز فيالعساكر، و سار و جوهر في مقدّمته، و رجعأفتكين و القرمطيّ إلى الرملة، و احتشدواو وصل العزيز فاصطفوا للحرب بظاهر الرملةفي محرّم سنة سبع و ستين. و بعث العزيز إلىأفتكين يدعوه إلى الطاعة و يرغّبه و يعدهبالتقدّم في دولته و يدعوه إلى الحضورعنده، فتقدّم بين الصفّين و ترجّل و قبّلالأرض و قال: قل لأمير المؤمنين لو كان قبلهذه لسارعت، و أما الآن فلا يمكنني. و حملعلى الميسرة فهزمهم و قتل الكثير منهم،فامتعض العزيز و حمل هو و الميمنة جميعافهزمهم، و وضع المغاربة السيف فقتلوا نحوامن‏