الوزيري و اسمه أقوش تكين (1) و كانت البلادصلحت على يديه لعدله و رفقه و ضبطه، و كانالوزير الجرجرائي يحسده و يبغضه، و كتبإليه بإبعاد كاتبه أبي سعيد، فأنفذ إليهأنه يحمل الوزيري على الانتقاض، فلم يجبالوزيري إلى ذلك و استوحش، و جاء جماعة منالجند إلى مصر في بعض حاجاتهم فداخلهمالجرجرائي في التوثّب به، و دسّ معهم بذلكإلى بقية الجند بدمشق فتعلّلوا عليه (2)فخرج إلى بعلبكّ سنة ثلاث و ثلاثين فمنعهعاملها من الدخول، فسار إلى حماة فمنعأيضا فقوتل، و هو خلال ذلك ينهب فاستدعىبعض أوليائه من كفرطاب فوصل إليه في ألفيرجل، و سار إلى حلب فدخلها و توفي بها فيجمادى الآخرة من السنة، و فسد بعده أمرالشام و طمع العرب في نواحيه، و ولّىالجرجرائي على دمشق الحسين بن حمدان فكانقصارى أمره منع الشام، و ملك حسّان بنمفرّج فلسطين و زحف معزّ الدولة بن صالحالكلابي إلى حلب فملك المدينة، و امتنععليه أصحاب القلعة و بعثوا إلى مصر للنجدةفلم ينجدهم، فسلّموا القلعة لمعزّ الدولةبن صالح فملكها.
كان المعز بن باديس قد انتقض دعوةالعبيديين بإفريقية و خطب للقائمالعباسيّ، و قطع الخطبة للمستنصر العلويّسنة أربعين و أربعمائة، فكتب إليهالمستنصر يتهدّده.
ثم إنه استوزر الحسين بن عليّ التازوري (3)بعد الجرجرائي و لم يكن في رتبته فخاطبهالمعز دون ما كان يخاطب من قبله، كان يقولفي كتابه إليهم عبده، و يقول في كتابالتازوري صنيعته فحقد ذلك، و أغرى بهالمستنصر، و أصلح بين زغبة و رياح من بطونهلال و بعثهم إلى إفريقية و ملّكهم كل مايفتحونه، و بعث إلى المعز: أما بعد فقدأرسلنا إليك خيولا و حملنا عليها رجالافحولا ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
(1) ورد اسمه انوشتكين الوزيري و قد مر معناسابقا. ج 9 ص 500. (2) هكذا بياض بالأصل و في الكامل ج 9 ص 501:فأظهروا الشغب عليه و قصدوا قصره و هوبظاهر البلد و تبعهم من العامة من يريدالنهب، فاقتتلوا فعلم الوزيري ضعفه و عجزهعنهم، ففارق مكانه، و استصحب أربعين غلاماله و ما امكنه من الدواب و الأثاث والأموال، و نهب الباقي و سار الى دمشق. (3) البازوري: ابن الأثير ج 9 ص 566.