كلمة «يظنّون» من مادة «ظنّ» و قد تأتيبمعنى اليقين «1». و في هذا الموضع تعنيالإيمان و اليقين القطعي. لأن الإيمانبلقاء اللّه و الرجوع إليه، يحيي في قلبالإنسان حالة الخشوع و الخشية و الإحساسبالمسؤولية، و هذا أحد آثار تربية الإنسانعلى الإيمان بالمعاد، حيث تجعل هذهالتربية الفرد مائلا دوما أمام مشهدالمحكمة الكبرى، و تدفعه إلى النهوضبالمسؤولية و إلى الحق و العدل.
و يحتمل أن يكون استعمال «الظن» في الآيةللتأكيد، أي أن الإنسان لو ظنّ بالآخرةفقط، فظنه كاف لأن يصده عن ارتكاب أي ذنب. وهو تقريع لعلماء اليهود و تأكيد على أنهملا يمتلكون إيمانا باليوم الآخر حتى علىمستوى الظن، فلو ظنوا بالآخرة لأحسّوابالمسؤولية، و كفّوا عن هذه التحريفات! «2»
عبارة «لقاء اللّه» وردت مرارا في القرآنالكريم، و تعني بأجمعها الحضور على مسرحالقيامة. من البديهي أن المقصود بلقاءاللّه ليس هو اللقاء الحسّي، كلقاء أفرادالبشر مع بعضهم، لأن اللّه ليس بجسم، و لايحده مكان، و لا يرى بالعين. بل المقصودمشاهدة آثار قدرة اللّه و جزاءه و عقابه ونعمه و عذابه على ساحة القيامة، كما ذهبإلى ذلك جمع من المفسرين.
أو إن المقصود الشهود الباطني و القلبي،لأن الإنسان يصل درجة كأنه يرى
1- يقول الراغب في المفردات: الظن اسم لمايحصل عن أمارة متى قويت أدّت إلى العلم، ومتى ضعفت جدا لم يتجاوز حدّ التوهم. 2- المنار، ج 1، ص 302، و الميزان، ج 1، ص 154. وتفسير روح المعاني، ج 1، ص 228. و في آياتاخرى إشارة إلى هذا المعنى كقوله تعالى:فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِفَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً (الكهف، 10).