في عام 1344 أفتى فقهاء المدينة الخاضعونلجهاز الحكم الوهابي بهدم قبور أئمّةالإسلام و أولياء اللّه الصالحين، و نفذتهذه الفتوى في اليوم الثامن من شوّال منالسنة المذكورة، و همّ المنفذون أن يهدمواقبر رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وسلّمأيضا، لو لا تراجعهم أمام صيحات اعتراضالمسلمين.
أتباع محمّد بن عبد الوهاب يتميزون علىالعموم بالخشونة و التصلّب و السطحية واللجاج و البعد عن المنطق و التعقّل و قدحصروا الإسلام- عمدا أو غفلة- في إطارمكافحة عدد من الظواهر كالشفاعة و زيارةالقبور و التوسل، و بذلك أبعدوا أتباعهم ومن خضع لسيطرتهم عن المسائل الإسلاميةالحياتية، و خاصة فيما يرتبط بالعدالةالاجتماعية، و مكافحة السيطرةالاستعمارية، و التصدي للثقافة الماديّةو للمدارس الإلحادية.
لذلك لا تجد في أوساط الوهابيين حديثا عنهذه المسائل، بل تسود أجواءهم حالة فظيعةمن الغفلة و الركود.
نعود إلى رأي هذه الفئة بشأن الشفاعة،هؤلاء يقولون: لا يحق لأحد أن يستشفع برسولاللّه، و أن يقول: «يا محمّد اشفع لي عنداللّه» لأن اللّه سبحانه يقول:
وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلاتَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً «1».
و في رسالة «كشف الشبهات» لمحمّد بن عبدالوهاب نقرأ ما يلي:
«فإن قال أن النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم أعطى الشفاعة و أطلبه ممّا أعطاهاللّه. فالجواب أن اللّه أعطاه الشفاعة ونهاك عن هذا و قال: فَلا تَدْعُوا مَعَاللَّهِ أَحَداً و أيضا فإن الشفاعةأعطاها غير النّبي، فصح أن الملائكةيشفعون و الأولياء يشفعون ...
أتقول أن اللّه أعطاهم الشفاعة فاطلبهامنهم؟ فإن قلت هذا رجعت إلى عبادةالصالحين» «2».
1- الجن، 18. 2- كشف الشبهات لمحمّد بن عبد الوهاب، نقلاعن رسالة البراهين الجلية، ص 17.