المدينة، فنظر إلى النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم و دار حوله، فلما رآه النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم عرف ما يريد.
فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمه. فلما رآه أتاه وكلمه. ثم انطلق فاشترى طعاما و جاء به،فقال له النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم:ما هذا؟ قال سلمان: هذه صدقة. قال: لا حاجةلي بها فأخرجها فليأكل المسلمون. ثمّانطلق فاشترى طعاما، فأتى النّبي صلّىالله عليه وآله وسلّم فقال: ما هذا؟ قال:هدية. قال: فاقعد، فقعد فأكلا جميعا منها.فبينا هو يحدثه، إذ ذكر أصحابه، فأخبرهخبرهم، فقال: كانوا يصومون و يصلون ويؤمنون بك، و يشهدون أنك ستبعث نبيّا. فلمافرغ سلمان من ثنائه عليهم، قال له النّبيصلّى الله عليه وآله وسلّم: يا سلمان هم منأهل النار. فاشتدّ ذلك على سلمان، فأنزلاللّه سبحانه هذه الآية.
يقول الرّاغب الأصفهاني: الصّابئون قومكانوا على دين نوح «1» و ذكرهم إلى جانبالمؤمنين و اليهود و النصارى يدل على أنهمكانوا يدينون بدين سماوي و يؤمنون باللّهو اليوم الآخر.
و اعتبر البعض أنهم مشركون، و قيل عنهمأنهم مجوس، و ليسوا كذلك، لأن القرآنذكرهم إلى جانب المشركين و المجوس إذا قال:إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَهادُوا وَ الصَّابِئِينَ وَ النَّصارىوَ الْمَجُوسَ وَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ...«2».
و اختلف المفسّرون و أصحاب الملل و النحلفي تشخيص هوية الصابئين، و وجه تسميتهم.
«الشّهرستاني» في «الملل و النحل» يقول:الصابئة من صبأ أي انحرف عن طريقالأنبياء، و هؤلاء قوم انحرفوا عن طريقالحق و دين الأنبياء فهم «صابئة».
و يقول «الفيومي» في «المصباح المنير» إن«صبأ» تعني الخروج من الدين
1- المفردات، مادة صبا. 2- الحج، 17.