سبب نزول الآية الكريمة يبيّن طبيعةالعناد و اللجاج و الجدل في اليهود،ابتداء من زمان موسى عليه السّلام و مرورابعصر خاتم الأنبياء و حتى يومنا هذايعرضون عن الحقّ بألوان الحجج الواهية.
حجّتهم في هذا الموضع المذكور في الآيةثقل التكاليف التي يأتي بها جبرائيل، وعداؤهم لهذا الملك، و رغبتهم في أن يكونميكائيل أمينا للوحي!! و كأن الملائكة هممصدر الأحكام الإلهية! و القرآن الكريميصرّح بأن الملائكة ينفّذون أوامر اللّه ولا ينحرفون عن طاعته: لا يَعْصُونَاللَّهَ ما أَمَرَهُمْ «1».
القرآن يجيب عن ذريعة هؤلاء: قُلْ مَنْكانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُنَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِاللَّهِ و ما جاء به جبرائيل يصدّق ما نزلفي الكتب السماوية السابقة:
مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ و هوإضافة إلى كل هذا: وَ هُدىً وَ بُشْرىلِلْمُؤْمِنِينَ.
فالجواب في هذه الآية ينطوي على ثلاث شعب:
أوّلا: إن جبريل لا يأتي بشيء من عنده،بل ما يأتي به هو بِإِذْنِ اللَّهِ.
ثانيا: ما جاء به جبريل تصدّقه الكتبالسماوية السابقة، لانطباقه على العلاماتو الدلالات المذكورة في تلك الكتب.
ثالثا: محتوى ما جاء به جبرائيل يدلّ علىأصالته و حقّانيته.
الآية التالية تؤكد نفس هذا الموضوعتأكيدا مقرونا بالتهديد و تقول: مَنْ كانَعَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَفَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ«2» مشيرة بذلك إلى أن موقف الإنسان مناللّه و ملائكته و رسله و من جبرئيل وميكائيل، لا يقبل التفكيك، و أن الموقفالمعادي من أحدهم هو معاداة للآخرين «3».
1- التحريم، 6. 2- البقرة، 98. 3- الميزان، في تفسير الآية المذكورة.