نفهم من قول اللّه في هذه الآيات أنالسحرة ما كانوا قادرين على إنزال الضّربأحد دون إذن اللّه سبحانه، و ليس في الأمر«جبر» و لا إرغام، بل إن هذا المعنى يشيرإلى مبدأ أساس في التوحيد، و هو إن كلّالقوى في هذا الكون تنطلق من قدرة اللّهتعالى، النار إذ تحرق إنما تحرق بإذناللّه، و السكين إذ تقطع إنما تقطع بأمراللّه. لا يمكن للساحر أن يتدخل في عالمالخليفة خلافا لإرادة اللّه.
كلّ ما نراه من آثار و خواص إنما هي آثار وخواص جعلها اللّه سبحانه للموجوداتالمختلفة، و من هذه الموجودات من يحسنالاستفادة من هذه الهبة الإلهية و منهم منيسيء الاستفادة منها. و «الإختيار» الذيمنحه اللّه للإنسان إنما هو وسيلةلاختباره و تكامله.
الحديث عن السحر و تاريخه طويل، و نكتفيهنا بالقول إن جذوره ضاربة في أعماقالتاريخ، و لكن بداياته و تطوراتهالتاريخية يلفّها الغموض و لا يمكن تشخيصأول من استعمل السحر.
و بشأن معناه يمكن القول: إنه نوع منالأعمال الخارقة للعادة، تؤثر في وجودالإنسان، و هو أحيانا نوع من المهارة والخفة في الحركة و إيهام للأنظار، كما إنهأحيانا ذو طابع نفسي خيالي.
1- الخداع و الشّعوذة و الحركة الماهرة.
2- كل ما لطف و دقّ.
و الراغب ذكر للفظ السحر ثلاثة معانقرآنية:
الأوّل: الخداع و تخييلات لا حقيقة لها،نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الأبصار