امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 376
نمايش فراداده

و تقول الآية 96 من سورة آل عمران: إِنَّأَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِلَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً. و منالمؤكد أن عبادة اللّه و إقامة أماكنالعبادة لم تبدأ في زمن إبراهيم، بل كانتامنذ أن خلق الإنسان على ظهر هذه الأرض.

عبارة الآية الاولى من الآيات محل البحثيؤكد هذا المعنى، إذ تقول: وَ إِذْيَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَالْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّناتَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَالسَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

فإبراهيم و إسماعيل قد رفعا قواعد البيتالتي كانت موجودة.

و في خطبة للإمام أمير المؤمنين علي عليهالسّلام في نهج البلاغة، و هي المسماةبالقاصعة، يقول: «ألا ترون أنّ اللّهسبحانه اختبر الأوّلين من لدن آدم صلواتاللّه عليه إلى الآخرين من هذا العالمبأحجار ... فجعلها بيته الحرام ... ثمّ أمرآدم عليه السّلام و ولده أن يثنوا أعطافهمنحوه «1» ...» «2».

القرائن القرآنية و الروائية تؤيد أنالكعبة بنيت أوّلا بيد آدم، ثم انهدمت فيطوفان نوح، ثم أعيد بناؤها على يد إبراهيمو إسماعيل «3».

في الآيتين التاليتين يتضرع إبراهيم وإسماعيل إلى ربّ العالمين بخمسة طلباتهامّة. و هذه الطلبات المقدّسة حينالإشتغال بإعادة بناء الكعبة جامعة ودقيقة بحيث تشمل كل احتياجات الإنسانالمادية و المعنوية، و تفصح عن عظمة هذينالنبيين الكبيرين.

قالا أوّلا: رَبَّنا وَ اجْعَلْنامُسْلِمَيْنِ.

ثم أضافا: وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةًمُسْلِمَةً لَكَ.

1- أي أن يطوفوا حوله.

2- نهج البلاغة، صبحي صالح، ص 292- (الخطبةالقاصعة).

3- صاحب المنار، ينكر هذا الموضوع بالمرة،و يرى أن إبراهيم و إسماعيل أول من بنىالكعبة، و هذا ما لا تؤيّده الروايات و لاعبارات القرآن الكريم.