تقول الآية: وَ لا تَقُولُوا لِمَنْيُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌثم تؤكد هذا المفهوم ثانية بالاستدراكبَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ.
في كل حركة- أساسا- تنزوي مجموعة محبّةللعافية، و تبتعد عن الامّة الثائرة، و لاتكتفي هي بالتقاعس و التكاسل، بل تسعى إلىتثبيط عزائم الآخرين و بثّ الرخوة والتماهل في المجتمع. و ما أن تظهر حادثةمؤلمة حتى يعربون عن أسفهم و ينقمون علىالحركة التي أدت إلى هذه الحادثة، غافلينأن كل هدف مقدس يحتاج إلى تضحيات، و تلكسنة كونية.
القرآن الكريم يتحدث عن مثل هذه الفئةكرارا و يؤنّبهم بشدّة.
ثمة أفراد من هؤلاء كانوا يتظاهرونبالتأسف و التألم على (موت) شهيد من شهداءالإسلام في المعركة، و يبعثون بذلك القلقو الاضطراب في النفوس.
و اللّه سبحانه يرد على هذه الأقاويلالسامة بالكشف عن حقيقة كبرى هي إن الذينيضحون بأنفسهم في سبيل اللّه ليسوا بأموات... هؤلاء أحياء ... و يتمتعون بنعم اللّه ورضوانه، لكن البشر المحدودين في عالمالحسّ لا يدركون هذه الحقائق.
للمفسرين آراء مختلفة في معنى حياةالشّهداء و خلودهم. ظاهر الآية يشير دون شكإلى أنّهم يتمتعون بنوع من الحياةالبرزخية الروحية، لأن أجسامهم قد تلاشت،فهم يعيشون تلك الحياة بجسم مثالي «1» كمايقول الإمام الصادق عليه السّلام «2».
1- سنشرح ذلك في تفسير الآية 100 من سورة(المؤمنون). «و من ورائهم برزخ إلى يوميبعثون». 2- تفسير نور الثقلين، ج 3، ص 559.