امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 443
نمايش فراداده

الرجال، و سجلوا فيها بطولاتهم.

هذه المعالم هي في الواقع ليست مثل كتبالتاريخ الميتة، بل هي تاريخ حيّ ناطق،يستطيع أن يحلّق بالإنسان عبر القرون والأعصار، ليجعله يعيش مع الحوادث الماضيةبكل مشاعره.

الأثر التربوي لهذه المشاهدات أعمق بكثيرمن تأثير الكتب و المحاضرات و أمثالها ...فهنا الشعور لا الإدراك، و التصديق لاالتصور، و العينية لا الذهنية.

من جهة اخرى، قلّ أن يوجد بين الأنبياءنبيّ كإبراهيم عليه السّلام، خاض ألوانالنضال و تعرض لأنواع الامتحان، حتى قالالقرآن عمّا اختبر به: إِنَّ هذا لَهُوَالْبَلاءُ الْمُبِينُ «1».

و هذه المعاناة الطويلة التي عاشهاإبراهيم هي التي أهّلته لأن ينال مقام«الإمامة».

مناسك الحج تجسّد في الأذهان دورة كاملةمن مشاهد كفاح إبراهيم و مراحل تكاملهالتوحيدي و عبوديته و تضحياته و إخلاصه.

لو فهم المسلمون- لدى أدائهم مناسك الحج-روح الحج و أسراره، و تعمّقوا في جوانبه«الرّمزية» لكان الحج دورة تربوية في حقلمعرفة اللّه و النّبوة و الشخصيةالإنسانية.

بعد هذه المقدمة نعود إلى الخلفيّةالتاريخية للصّفا و المروة.

إبراهيم عليه السّلام بلغه الكبر و لميرزق ولدا، فدعى ربّه أن لا يتركه فردا،فاستجاب له، و رزقه من جاريته هاجر ولداسمّاه «إسماعيل».

لم تستطع «سارة» زوجته الاولى أن تطيقالحالة الجديدة، و قد رزق إبراهيم ولدا منغيرها، فأمر اللّه إبراهيم أن يهاجربالطفل و الأم إلى مكة حيث الأرض‏

1- الصافات، 106.