امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 1 -صفحه : 534/ 493
نمايش فراداده

الكريم- و هكذا في الآيات التالية- مجموعةمن الأحكام الإسلامية، إكمالا لبيانالمنهج الإسلامي في الحياة.

تبدأ هذه الأحكام من مسألة حفظ حرمةالدماء، و هي مسألة هامة في الحياةالاجتماعية، فتنفي العادات و التقاليدالجاهلية، و تقول للمؤمنين: يا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُالْقِصاصُ فِي الْقَتْلى‏.

عبارة كُتِبَ عَلَيْكُمُ تبيّن أهميةالموضوع، و توحي بالتأكيد عليه، و ذكرت فيآيات اخرى بشأن الصوم و الوصيّة، و لا يكتبمن المسائل عادة إلّا ما كان قاطعا وجادّا.

و «القصاص» من «قصّ»، يقال قصّ أثره: أيتلاه شيئا بعد شي‏ء. و منه القصاص لأنهيتلو أصل الجناية و يتبعه، و قيل هو أنيفعل بالثاني مثل ما فعله هو بالأول، معمراعاة المماثلة، و منه أخذ القصص كأنهيتبع آثارهم شيئا بعد شي‏ء «1».

الآية كما ذكرنا تستهدف بيان الموقفالصحيح من المجرم، و لفظ القصاص يدلّ علىإنزال عقوبة بالمجرم مماثلة لما ارتكبههو، لكن الآية لا تكتفي بذلك، بل بينتالتفاصيل فقالت: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَ الْأُنْثى‏بِالْأُنْثى‏.

و سنوضح إن شاء اللّه مسألة قصاص الأنثىبالأنثى، و نبيّن أنّ الرجل قاتل المرأةيمكن إنزال عقوبة القتل بحقّه ضمن شروط.

ثم تبين الآية أنّ القصاص، حق لأولياءالمقتول، و ليس حكما إلزاميا، فإن شاؤواأن يعفوا و يأخذوا الدية، و إن شاؤوا تركالدية فلهم ذلك، و تقول: فَمَنْ عُفِيَلَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ‏ءٌ فبعد تبدل حكمالقصاص عند عفو أولياء المقتول إلى ديةفَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ أي فعل العافيإتباع بالمعروف، و هو أن لا يشدّد في طلبالدّية و ينظر من عليه الدية وَ أَداءٌإِلَيْهِ بِإِحْسانٍ أي على المعفوّ عنهأن يبادر إلى‏

1- مجمع البيان، الآية.