بجوع أو عطش حتى يمدّ يده إلى ما لذّ و طابكمثل شجرة تعيش إلى جوار نهر وفير المياه،ما إن ينقطع عنها الماء يوما حتى تذبل وتصفرّ.
أما الأشجار التي تنبت بين الصخور و فيالصحاري المقفرة، و تتعرض منذ أوائلإنباتها إلى الرياح العاتية، و حرارةالشمس المحرقة حينا، و برودة الجوّالقارصة حينا آخر، و تواجه دائما أنواعالتحديات، فإنها أشجار قوية صلبة مقاومة.
و الصوم له مثل هذا الأثر في نفس الإنسان،فبهذه القيود المؤقتة يمنحه القدرة و قوةالإرادة و عزيمة الكفاح، كما يبعث في نفسهالنور و الصفاء بعد أن يسيطر على غرائزهالجامحة.
بعبارة موجزة: الصوم يرفع الإنسان من عالمالبهيمية إلى عالم الملائكة و عبارةلَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ تشير إلى هذهالحقائق.
و هكذا
الحديث المعروف: «الصّوم جنّة من النّار»
«1» يشير إلى هذه الحقائق.
و عن علي عليه السّلام عن رسول اللّه صلّىالله عليه وآله وسلّم أنه سئل عن طريقمجابهة الشيطان، قال:
«الصّوم يسوّد وجهه، و الصّدقة تكسرظهره، و الحبّ في اللّه و المواظبة علىالعمل الصّالح يقطع دابره، و الاستغفاريقطع وتينه»
«2».
و في نهج البلاغة عرض لفلسفة العبادات، وفيه يقول أمير المؤمنين علي عليه السّلام:«و الصّيام ابتلاء لإخلاص الخلق»
«3».
و روي عن النّبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم قال: «إنّ للجنّة بابا يدّعىالرّيّان، لا يدخل فيها إلّا الصّائمون».
يقول المرحوم الصدوق في «معاني الأخبار»معلقا على هذا الحديث: إنما سمي هذا الباببالريّان لأن مشقة الصائم إنما تكون فيالأغلب من العطش،
1- بحار الأنوار، ج 96، ص 256. 2- بحار الأنوار، ج 96، ص 255. 3- نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم 252.