الآيات المذكورة استعملت الفعل المضارعالذي يشير عادة إلى الاستمرار يؤمنونبالغيب- يقيمون الصلاة- ينفقون- و بالآخرةهم يوقنون. و هذا يعني أن المتقين والمؤمنين الحقيقيين هم الذين يواصلونمسيرتهم الحياتية بثبات و استمرار، دونتعثر أو تلكّؤ أو توقف.
هؤلاء ينطلقون منذ البدء بروح البحث عنالحق، و هذا يؤدي بهم إلى تلبية دعوةالقرآن، و القرآن بعد ذلك يوجد فيهمالخصائص الخمس المذكورة.
التقوى من الوقاية، أي الحفظ و الصيانة«1»، و هي بعبارة اخرى جهاز الكبح الداخليالذي يصون الإنسان أمام طغيان الشهوات.
لهذا السبب
وصف أمير المؤمنين علي عليه السّلامالتقوى بأنها الحصن الذي يقي الإنسانأخطار الانزلاق إذ قال: «اعلموا عباداللّه أنّ التّقوى دار حصن عزيز» «2».
و في النصوص الدينية و الأدبية تشبيهاتكثيرة تجسّم حالة التقوى، فعن الامام عليعليه السّلام قال: «ألا و إنّ التّقوىمطايا ذلل، حمل عليها أهلها، و أعطواأزمّتها، فأوردتهم الجنّة» «3».
الاولى- أولئك الذين يتصفون بالإيمانبالغيب، و بإقامة الصلاة، و بالإنفاق. والثانية- هم المؤمنون بالوحي السماوي وبالاخرة. نحن نستبعد كثيرا هذا التّفسير،لأن الصفات الخمس المذكورة مترابطة لايمكن التفكيك بينها، و كلها تصف مجموعةواحدة. 1- يقول الراغب في مفرداته: الوقاية حفظالشيء ممّا يؤذيه و يضرّه، و التقوى جعلالنفس في وقاية ممّا يخاف، لذلك يسمىالخوف تارة تقوى بينما الخوف سبب للتقوى. وفي عرف الشرع، التقوى حفظ النفس عمّا يؤثم.و «كمال التقوى» اجتناب المشتبهات. 2- نهج البلاغة، الخطبة 157. 3- نهج البلاغة، الخطبة 16.