امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 113
نمايش فراداده

ورد في تفسير «الدّر المنثور» في شأن نزولهذه العبارة من الآية عن ابن عبّاس أنّالمسلمين سألوا الرسول صلّى الله عليهوآله وسلّم عند نزول آيات الحثّ علىالإنفاق: ماذا ينفقون؟ أ ينفقون كلّأموالهم أم بعضها؟ فنزلت الآية لتأمربرعاية (العفو) «1».

و لكن ما المراد من «العفو» في الآية؟

(العفو) في الأصل- كما يقول الرّاغب فيالمفردات- بمعنى القصد إلى أخذ شي‏ء، أوبمعنى الشي‏ء الّذي يؤخذ بسهولة، و بماأنّ هذا المعنى واسع جدّا و يطلق علىمصاديق مختلفة منها: المغفرة و الصفح وإزالة الأثر الحد الوسط بين شيئين.

المقدار الإضافي لشي‏ء. و أفضل جزء منالثروة. فالظاهر أنّ المعنى الأوّل والثاني لا يتناسب مع مفهوم الآية، والمراد هو أحد المعاني الثلاثةالمتأخّرة، يعني رعاية الحد الوسط فيالإنفاق، أو إنفاق المقدار الزائد عنالحاجة، أو إنفاق القسم الجيّد للأموال وعدم بذل الحصّة الرخيصة و العديمة النفعمن المال.

و هذا المعنى وارد أيضا في الرواياتالإسلاميّة في تفسير هذه الآية،

و قد ورد عن الإمام الصادق عليه السّلامأنّه قال: العفو الوسط

«2» (أي أنّ المراد من العفو في الآيةأعلاه هو الحد الوسط).

و ورد في تفسير علي بن إبراهيم (لا إقتار ولا إسراف)

«3».

و في مجمع البيان عن الإمام الباقر عليهالسّلام (العفو ما فضل عن قوت السّنة) «4».

و يحتمل أيضا أن يكون العفو في الآية (و إنلم أجده في كلمات المفسّرين) هو المعنىالأوّل، أي الصفح عن أخطاء الآخرين، وبذلك يكون معنى الآية الكريمة: أنفقواالصفح و المغفرة فهو أفضل الإنفاق.

و لا يبعد هذا الاحتمال لو أخذنا بنظرالاعتبار أوضاع شبه جزيرة العربيّة

1- الدر المنثور: ج 1 ص 253.

(2، 3)- نور الثقلين: ج 1 ص 210.

4- مجمع البيان: ج 1 ص 316.