و نعمها دائمة أبدية، لا كنعم الدنياالسريعة الزوال: خالِدِينَ فِيها.
نساؤها خلافا لكثير من غواني هذه الدنيا،ليس في أجسامهنّ و لا أرواحهنّ نقطة ظلام وخبث: وَ أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ.
كلّ هذا بانتظار المتّقين. و أسمى من ذلككلّه، النعم المعنوية التي تفوق كلّ تصوّرو هي رِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ.
نلاحظ أنّ الآية تبدأ بجملة: «أ أنبؤكم»الاستفهامية الموجّهة إلى الفطرةالإنسانية الواعية لكي تكون أنفذ فيالسامع و أعمق، ثمّ إنّ الاستفهام ينصّعلى «الإنباء» التي تستعمل للأداء بخبرمهمّ جدير بالاستيعاب.
و تخبر الآية المؤمنين أنّهم إذا امتنعواعن اللذائذ غير المشروعة و الأهواءالطاغية الممزوجة بالمعصية، فإنّهمسيفوزون في الآخرة بلذائذ مشابهة و لكنبمستوى أرفع و خالية من كلّ نقص و عيب. إلّاأنّ هذا لا يعني حرمان النفس من لذائذالحياة الدنيا التي لهم أن يتمتّعوا بهابصورة مشروعة.
هل في الجنّة لذائذ مادّية أيضا؟
يظنّ بعضهم أنّ اللذائذ المادّية مقتصرةعلى الحياة الدنيا، و أنّ الحياة الأخرىخالية منها، و أنّ جميع ما جاء في القرآنعن الجنّات و الفواكه و المياه الجارية والأزواج الطاهرة إنّما هي كناية عن مقاماتو نعم معنوية من باب «كلّم الناس على قدرعقولهم».
و لكنّا ينبغي أن نقول: إنّنا بعد أن قبلنابالمعاد الجسماني استنادا إلى الكثير منآيات القرآن الصريحة، فلا بدّ من وجود نعمتناسب الجسم و الروح و بمستوى أرفع و أعلى.و في هذه الآية إشارة إلى كليهما: ما يناسبالمعاد الجسماني، و ما يناسب المعادالروحي.