امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 416
نمايش فراداده

في الواقع، إنّ الذين يعتبرون نعم الآخرةالمادّية كناية عن نعم معنوية، إنّمايؤوّلون ظاهر آيات القرآن دون سبب، كماأنّهم ينسون المعاد الجسماني و ما يقتضيه.

و لعلّ جملة وَ اللَّهُ بَصِيرٌبِالْعِبادِ التي جاءت في آخر الآية إشارةإلى هذه الحقيقة، أي أنّه يعلم ما يحتاجهالجسم و الروح في العالم الآخر، و ما هيمتطلّبات كلّ منهما و هو يضمن إشباع هذهالحاجات على أحسن وجه.

الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا....

في هذه الآية و الآية التي بعدها نتعرّفعلى المتّقين الذين كانوا في الآيةالسابقة مشمولين بنعم اللّه العظيمة فيالعالم الآخر، فتعددان ستّ صفات من صفاتهمالممتازة.

1- إنّهم يتوجّهون إلى اللّه بكلّجوارحهم، و الإيمان يضي‏ء قلوبهم، و لذلكيحسّون بمسؤولية كبيرة في كلّ أعمالهم، ويخشون عقاب أعمالهم خشية شديدة، فيطلبونمغفرته و النجاة من النار: فَاغْفِرْ لَناذُنُوبَنا وَ قِنا عَذابَ النَّارِ.

2- مثابرون صابرون ذوو همّة، و مقاومون عندمواجهتهم الحوادث في مسيرة إطاعتهم للّه وتجنّبهم المعاصي، و عند ابتلائهمبالشدائد الفردية و الاجتماعيةالصَّابِرِينَ.

3- صادقون و مستقيمون، و ما يعتقدون به فيالباطن يعملون به في الظاهر، و يتجنّبونالنفاق و الكذب و الخيانة و التلوّث وَالصَّادِقِينَ.

4- في طريق العبودية للّه خاضعون ومتواضعون و مواظبون على ذلك وَالْقانِتِينَ «1».

5- لا ينفقون من أموالهم فحسب، بل ينفقونمن جميع ما لديهم من النعم المادّية والمعنوية في سبيل اللّه، فيعالجون بذلكأدواء المجتمع وَ الْمُنْفِقِينَ.

1- «قانتين» من مادة «قنوت» بمعنى الخضوعامام اللّه و أيضا بمعنى المداومة علىالطاعة و العبودية.