امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 449
نمايش فراداده

بكلامه المعسول و عروضه الجذّابة وتظاهره بالمحبّة الحميمة، لأنّ التاريخقد أثبت بأنّ أقسى الضربات التي تلقّاهاالمؤمنون جاءت من هذا الطريق.

لو أنّنا طالعنا تاريخ الاستعمار للاحظناأنّ المستعمرين جاؤوا دائما في لبوسالصداقة و الترحّم و حبّ الإعمار و البناءفتغلغلوا بين طبقات المجتمع.

إنّ كلمة «استعمار» التي تعني الإعمار والبناء دليل على هذا الخداع، فهم بعد أنيتمكنّوا من إنشاب مخالبهم في جذورالمجتمع المستعمر، يبدأون بامتصاص دمائهبكلّ قسوة و بغير رحمة.

مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ إشارة إلى أنّالناس في حياتهم الاجتماعية لا بدّ لهم مناتّخاذ الأولياء و الأصدقاء، فعلىالمؤمنين أن يختاروا أولياءهم من بينالمؤمنين، لا من بين الكافرين.

فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْ‏ءٍ.

تقول الآية: إن الذين يعقدون أواصرصداقتهم و ولاءهم مع أعداء اللّه، ليسوامن اللّه في أيّ شي‏ء من الأشياء، أيأنّهم يكونون قد تخلّوا عن إطاعة أوامراللّه و قطعوا علاقتهم بالجماعة المؤمنةالموحّدة، و انقطعت ارتباطاتهم من جميعالجهات.

إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً.

هذا استثناء من الحكم المذكور، و هو أنّهإذا اقتضت الظروف- التقية- فللمسلمين أنيظهروا الصداقة لغير المؤمنين الذينيخشون منهم على حياتهم.

و لكن الآية تعود في الختام لتؤكّد الحكمالأوّل فتقول: يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُنَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُفاللّه ينذر الناس أوّلا بغضب منه و بعقابشديد، ثمّ إنّ مرجع الناس جميعا إلى اللّه.و إن تولّوا أعداء اللّه نالوا عاجلانتيجة أعمالهم.