و هذا أوّل لطف إلهي يناله الصالحون،فالمرحلة الأولى من لذّة الإنسان المؤمنهي إحساسه بأنّ ما يعمله في سبيل اللّهإنّما هو بعين اللّه، و يا لها لذّة.
و تضيف الآية: وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّخَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى.
هذه الآية أمرت بحمل الزاد. قيل: إن جماعةمن أهل اليمن كانوا يحجّون دون أن يصحبوامعهم زادا للطريق، قائلين: نحن ضيوف اللّهو طعامنا عليه. و هذه الفقرة من الآية أمرتبحمل الزاد، لأن اللّه سبحانه هيّأ للجميعطعامهم بالطريق الطبيعية.
و الآية تشير في الوقت نفسه إلى مسألةمعنوية هي زاد التقوى، فهناك حاجة إلى زادمن نوع آخر هو «التقوى».
و العبارة تنطوي على توعية المسلمينبالنسبة لعطاء الحجّ المعنوي و تفتّحأبصارهم على ما في ساحة الحجّ من معانعميقة تشدّ الإنسان بتاريخ الرسل والأنبياء و بمشاهد تضحية إبراهيم بطلالتوحيد، و بمظاهر عظمة اللّه سبحانه ممّالا يوجد في مكان آخر، و لا بدّ للحاج أنيستلهم من هذه الساحة زادا يعينه علىمواصلة مسيرته نحو اللّه فيما بقي من عمره.
وَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ «1».
الحديث موجّه إلى أولي الألباب و العقول،و التركيز عليهم بانتهاج التقوى لأنهم همالقادرون على التزوّد كما ينبغي من العطاءالتربوي لمناسك الحجّ، و الآخرون لاينالون منها سوى المظاهر و القشور.
الآية التالية ترفع بعض الاشتباهات فيمسألة الحجّ و تقول لَيْسَ عَلَيْكُمْجُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْرَبِّكُمْ.
1- «الباب» جمع «لب»، و يقال للعقل الخالص«لب» أيضا.