امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 58
نمايش فراداده

و مثله ما أورده سائر المفسّرين عن ابنعبّاس و غيره أنّ أهل الجاهلية كانوايعقدون مجالسا بعد الحجّ للتّفاخربآبائهم و ذكر مفاخرهم أو أنّهم يجتمعونفي الأسواق كسوق (عكاظ، ذي المجاز، مجنّة)لم تكن هذه الأسواق مراكزا تجاريّة فحسب،بل أماكن لتلك المجالس الباطلة التي يجتمعفيها النّاس و يذكرون مفاخر أسلافهم «1».

التّفسير

الحجّ رمز وحدة المسلمين

هذه الآيات تواصل الأبحاث المتعلّقةبالحجّ في الآيات السابقة، فالبرغم من أنّأعراب الجاهلية ورثوا مناسك الحجّ بوسائطعديدة من إبراهيم الخليل عليه السّلام ولكنّهم خلطوا هذه العبادة العظيمة والبناءة و الّتي تعتبر ولادة ثانية لحجّاجبيت اللّه الحرام بالخرافات الكثيرة بحيثإنها خرجت من شكلها الأصلي و نسخت و تحوّلتإلى وسيلة للتفرقة و النّفاق.

الآية الأولى من الآيات محل البحث تقولفَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْفَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْآباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً.

إنّ العزّة و العظمة يكملان بالارتباط فياللّه تعالى لا بالارتباط الوهميبالأسلاف، و ليس المراد من هذه العبارةأنّكم اذكروا أسلافكم و اذكروا اللّهكذلك، بل هو إشارة إلى هذه الحقيقة بأنّكمتذكرون أسلافكم من أجل بعض الخصال والمواهب الحميدة، فلما ذا لا تذكرون اللّهتعالى ربّ السموات و الأرض و الرازق والواهب لجميع هذه النعم في العالم و هومنبع و مصدر جميع الكمالات‏

1- روح المعاني، ج 2، ص 89- و القرطبي، ج 2، ص803- التفسير الكبير، ج 5، ص 183- تفسير في ظلالالقرآن، ج 1، ص 289- تفسير البرهان، ج 1، ص 203.