امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 611
نمايش فراداده

و قد كان ممّا وفق له الرسول و نجح فيهأكبر نجاح- بعد هجرته إلى المدينة (يثرب)-هو تمكنه من وضع حد لتلك المعارك والمناوشات و تلك المذابح و المجازر، وإقرار الإخاء مكان العداء و إحلال السلاممحل الحروب، و تشكيل جبهة متحدة متراصةالصفوف، قوية البنيان و الأركان فيالمدينة المنورة.

و لكن حيث أن جذور النزاع كانت قوية وعديدة جدا، كان ذلك الاتحاد يتعرض أحيانالبعض الهزات بسبب بعض الاختلافات المنسيةالتي كانت تطفو على السطح أحيانا فتشتعلنيران النزاع بعد غياب، و لكن سرعان ماكانت تختفي مرّة اخرى بفضل تعليمات النبيالعظيم صلّى الله عليه وآله وسلّم وحكمته، و تدبيره.

و قد لاحظنا في الآيات السابقة نموذجا منتلك الاختلافات المتجددة التي كانت تبرزعلى أثر التحريكات التي كان يقوم بهاالأعداء الأذكياء، و لكن هذه الآيات تشيرإلى نوع آخر من الاختلافات التي كانيسببها الأصدقاء الجاهلون، و العصبياتالعمياء و الحمقاء.

يقال: افتخر رجلان من الأوس و الخزرج هما«ثعلبة بن غنم» و «أسعد بن زرارة» فقالثعلبة: منا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، ومنا حنظلة غسيل الملائكة و منا عاصم بنثابت بن أفلح حمي الدين، و منا سعد بن معاذالذي رضي اللّه بحكمه في بني قريظة، و قالأسعد منا أربعة أحكموا القرآن: أبي بن كعبو معاذ بن جبل و زيد بن ثابت و أبو زيد و مناسعد بن عبادة خطيب الأنصار و رئيسهم:

فجرى الحديث بينهما فغضبا و تفاخرا وناديا فجاء الأوس إلى الأوسي، و الخزرجإلى الخزرجي و معهم السلاح، فبلغ ذلكالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فركبحمارا و أتاهم، فأنزل اللّه هذه الآياتفقرأها عليهم فاصطلحوا.