2- و من المفسّرين من نقل عن ابن عباس أنّالآية المذكورة نزلت في سريّة (الرجيع) حيثبعث رسول اللّه مجموعة من الدعاة إلىالقبائل المتوطّنة أطراف المدينة، فدبّرتلهم مؤامرة لئيمة استشهدوا فيها «1».
و لكنّ سبب النّزول الأوّل أكثر انسجامامع مضمون الآيات، و على أيّ حال فالدرسالّذي تقدّمه الآية عام و شامل.
الآية الاولى تشير إلى بعض المنافقين حيثتقول وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَقَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِوَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ.
(ألد) تأتي بمعنى ذو العداوة الشديدة، وأصلها من (لديد) التي يراد بها طرفي الرقبةو كناية عن الشخص الّذي يغلب الأعداء منكلّ جانب، و (خصام) لها معنى مصدري و هوالخصومة و العداوة.
ثمّ تضيف الآية التالية بعض العلاماتالباطنيّة لعداوة مثل هذا الإنسان و هي:
وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِلِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَوَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّالْفَسادَ.
أجل، فإنّ اللّه سبحانه و تعالى يفضحهؤلاء و يكشف سريرتهم، لأنّ هؤلاء لوكانوا صادقين في إيمانهم و إظهارهمالمحبّة لما أفسدوا في الأرض مطلقا و لمااعتدوا على مزارع الناس و أغنامهم بدونرحمة أو شفقة، فبالرّغم من أنّ ظاهرهمالمحبّة الخالصة إلّا أنّهم في الباطنأشدّ الناس قساوة و وحشيّة.
و احتمل كثير من المفسّرين أنّ المرادبقوله (إذا تولّى) أي إذا حكم، لأنّ
1- تفسير أبو الفتوح، ج 2، ص 140، قلمّا روىهذا السبب النّزول.