امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 2 -صفحه : 780/ 675
نمايش فراداده

1- إن المفسّر المعروف صاحب تفسير«المنار» يعتقد أن هذه الآية تعلمالمسلمين درسا كبيرا في مجال الاستفادة منالوسائل و الأسباب الطبيعية للنصر، و إنوعد اللّه لهم بإنزال النصر عليهم، ليسبمعنى أن للمسلمين أن يتجاهلوا الوسائلالحربية، و التخطيط العسكري، و ما شاكلذلك من الأسباب المادية اللازمة للقتال ولتحقيق الإنتصار، و انتظار أن يدعو لهمالنبي لينزل عليهم النصر الالهي، دونالأخذ بالأسباب القتالية المتعارفة، ولهذا جاءت الآية تخاطب النبي قائلة لَيْسَلَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ بمعنى أنأمر النصر لم يوكل إليك، بل هو إلى اللّه،و قد جعل اللّه لتحقيقه سننا و نواميس يجبأن يستخدمها الناس حتّى يتحقّق لهم النصرو الغلبة (و بالتالي فإن دعاء النبي و إنكان مؤثرا و مفيدا، إلّا أن له موارداستثنائية خاصّة).

و هذا الكلام و إن كان منطقيا في حد ذاته،إلّا أنه لا يلائم ما جاء في ذيل الآية إذيقول سبحانه: أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ،أَوْ يُعَذِّبَهُمْ و لهذا لا يمكن تفسيرالآية بما قاله هذا الكاتب.

2- إن هذه الآية و إن كانت تنفي أن يكونللنبي الحقّ في أن يغفر للكفار و المشركينأو يعذبهم، إلّا أنها لا تتعارض مع مايستفاد من الآيات الاخرى من تأثير دعائهصلّى الله عليه وآله وسلّم و عفوه وشفاعته، لأن المقصود في الآية الحاضرة هونفي أن يكون للنبي كلّ ذلك على نحوالاستقلال، و على هذا لا ينافي أن يكون لهكلّ ذلك (من العفو أو المجازاة) بإذن اللّهسبحانه.

فله بالتالي أن يعفو- بإذن اللّه- لمنأراد، أو يجازي حيث تصح المجازاة، كما أنله أن يهيئ عوامل النصر و أسباب الظفر، بلو له- بإذن اللّه- أن يحيي الموتى كما كانيفعل المسيح عليه السّلام بإذنه سبحانه.

إن الذين تمسكوا بقوله تعالى: لَيْسَ لَكَمِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ لنفي و إنكارقدرة