و تدابر النفوس، و تخاذل الأيدي ...» «1».
و لكن هذا التعليم الإسلامي الحي قد نسي-مع الأسف- كبقية التعاليم الإسلامية و لميلتفت إليه المسلمون، بل إنّ بعض العلماءو المفكرين الإسلاميين حصروا الزمان والمكان في فكرهم، فعاشوا في عالم غير عالمالحياة هذا، و بقوا في معزل عن التحولاتالاجتماعية، و أشغلوا أنفسهم بأمور حقيرةو قضايا جزئية قليله الأثر بالقياس إلىالأعمال الجوهرية و القضايا الأساسية.
ففي عالم نجد فيه البابوات و القساوسةالمسيحيين الذين طال ما حبسوا أنفسهم بينجدران الكنائس قد خرجوا من تلك العزلةالطويلة و الانقطاع عن الحياة الاجتماعيةإلى العالم الخارجي و راحوا يسيحون فيالأرض، و يقيمون الجسور و العلاقات معالأمم و الشعوب ليزدادوا خبرة بالعصر، ويقفوا على متطلباته و مستجداته و متغيراتهالكثيرة، أ فلا يجدر بالمسلمين أن يعملوابهذا التعليم الإسلامي الصريح، و يخرجوامن النطاق الفكري الضيق الذي هم فيه حتّىيتحقق التحول المطلوب في حياة الأمةالإسلامية، و تحل الحركة الصاعدة محلالجمود و التقهقر، و التقدّم المطرد مكانالتخلّف و التراجع.
و لما كان التعليم الإلهي العظيم- رغمكونه موجها إلى عامة المخاطبين- لا ينتفعبه و لا يستلهمه إلّا المتقون قال سبحانهتعقيبا على الآية السابقة هذا بَيانٌلِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةٌلِلْمُتَّقِينَ.
أجل، إن المتقين الهادفين هم الذينيتعظون بهذه الأمور لأنهم يبحثون عن كلّما يعمق روح التقوى في نفوسهم، و يزيدبصيرتهم بالحقّ.
1- نهج البلاغة: الخطبة 192.