كل قيد و شرط، بل يشمل الأشخاص الذينيظهرون من أنفسهم نوعا من اللياقة والصلاح لمثل هذا العفو و الغفران، و كماأشرنا إلى ذلك في ما سبق، فإن مشيئة اللّه-في هذه الآية و الآيات المشابهة لها- بمعنىالحكمة الإلهية، لأن مشيئته تعالى لاتنفصل عن حكمته أبدا، و من البديهي والمسلم أن حكمته لا تقتضي أن ينال أحدالعفو الإلهي من دون قابلية و صلاح لذلك.
و على هذا الأساس فإن الجوانب و الأبعادالتربوية البناءة في هذه الآية تفوق-بمراتب كثيرة- إمكان سوء استخدام الوعدالموجود فيها.
ثمّ إنّ النقطة الجديرة بالانتباه إنّهذه الآية لا ترتبط بمسألة التوبة، لأنّالتوبة و العودة عن الذنب تغسل جميعالذنوب و المعاصي حتى الشرك، بل المراد هوإمكان شمول العفو الإلهي لمن لم يوفقللتوبة، يعني الذين يموتون قبل الندم منذنوبهم، و بعد الندم و قبل جبران ما بدرمنهم من الأعمال الطالحة بالأعمالالصالحة.
و توضيح ذلك: أنّه يستفاد من آيات عديدة فيالقرآن الكريم أن وسائل التوصل إلى العفوو المغفرة الإلهية متعددة، و يمكن تلخيصهافي خمسة أمور:
1- التوبة و العودة إلى اللّه تعالى،المقرونة بالندم على الذنوب السابقة، والعزم على الاجتناب عن الذنب و المعصية فيالمستقبل، و جبران و تلافي الأعمالالطالحة السالفة بالأعمال الصالحة (والآيات الدّالة على هذا المعنى كثيرة) و منجملتها قوله سبحانه: وَ هُوَ الَّذِييَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ «1».
2- الأعمال الصّالحة المهمّة جدّا و التيتسبب العفو عن الأعمال القبيحة
1- الشورى، 25.