امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 272
نمايش فراداده

الإنسان بالألم إحساسا كاملا، تبدلالجلود، و تأتي مكان الجلود الناضجة جلودجديدة، و ما هذا إلّا نتيجة الإصرار علىتجاهل الأوامر الإلهية، و مخالفة الحق والعدل، و الإعراض عن طاعة اللّه.

ثمّ يقول سبحانه في ختام الآية: إِنَّاللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً أي أنّهقادر بعزّته أن يوقع هذه العقوباتبالعصاة، و أنّه لا يفعل ذلك اعتباطا، بلعن حكمة و على أساس الجزاء على المعصية.

ثمّ يقول سبحانه في الآية الثانية: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُواالصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍتَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُخالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيهاأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَ نُدْخِلُهُمْظِلًّا ظَلِيلًا «1».

أي أنّنا نعد المؤمنين الذين يعملونالصالحات بأنّ ندخلهم جنّات تجري من تحتأشجارها الأنهار و السواقي يعيشون فيهاحياة خالدة، هذا مضافا إلى ما يعطون منأزواج مطهّرات يستريحون إليهن، و يجدون فيكنفهن لذة الروح و الجسد، و ينعمون تحتظلال خالدة بدل الظلال الزائلة، لا تؤذيهمالرياح اللافحة كما لا يؤذيهم الزمهريرأبدا.

بحث عن الآية:

من الأمور الجديرة بالاهتمام و المستفادةمن المقايسة بين هاتين الآيتين هو عمومالرحمة الإلهية و سبق رحمته على غضبه،لأنّ في الآية الأولى ذكرت عقوبة الكفارمبدوءة بكلمة «سوف» في حين بدأ الوعدالإلهي للمؤمنين بـ «السين» «سندخلهم»، ومن المعلوم استعمال سوف في اللغة العربيةفي المستقبل البعيد، و استعمال السين فيالمستقبل القريب، مع أننا نرى أنّ كلتاالآيتين‏

1- «الظليل» من مادة «الظل» بمعنى الفي‏ء،و استعمل هنا للتأكيد، لأن معناه الظلالمظلل أو الظل الظليل و هو كناية عن غايةالراحة و الدعة و الرفاه.