امثل فی تفسیر کتاب الله المنزل

ناصر مکارم شیرازی

جلد 3 -صفحه : 703/ 327
نمايش فراداده

يحتاجه المسلمون في قتال الأعداء ليكونواعلى استعداد لمواجهة العدو إذا صدر الأمرإليهم بذلك.

2- المعروف أنّ حكم الزكاة ورد في آياتنزلت في المدينة (أي أنّها آيات مدنية) و لميكلف المسلمون بأداء الزكاة في مكّة- فكيفإذن يمكن القول إن هذه الآية تتحدث عن وضعالمسلمين في مكّة؟

يجيب على هذا السؤال الشيخ الطوسي رحمهاللّه في تفسير «التّبيان» فيقول: إنّالمقصود بالزكاة الواردة في هذه الآية هوالزكاة المستحبة التي كانت معروفة فيمكّة، أي أنّ القرآن المجيد كان يحثّالمسلمين حتى في مكّة على تقديم المساعداتالمالية إلى مستحقيها و لدعم اقتصادالمجتمع الإسلامي الجديد في مكّة.

3- و تشير هذه الآية الكريمة إلى حقيقةمهمة، هي أنّ المسلمين في مكّة كان لهممنهج، ثمّ أصبح لهم في المدينة منهج آخر،ففي مكّة انشغل المسلمون ببناء شخصيتهمالإسلامية بعد أن تحرروا من أدرانالجاهلية، فكان سعي النّبي صلّى الله عليهوآله وسلّم في مكّة منصبا على تربية هؤلاءالذين نبذوا عبادة الأصنام ليجعل منهمأناسا يسترخصون النفس و النفيس في مواجهةما يعترض سبيل المسلمين من تحديات، فماأحرزه المسلمون من انتصارات باهرة فيالمدينة المنورة، كان حصيلة عملية بناءالشخصية الإسلامية، هذه العملية التيتعهدت بها رسالة الإسلام في مكّة.

لقد تعلم المسلمون الكثير في مكّة ومارسوا تجارب جمّة و اكتسبوا استعداداروحيا و معنويا عظيما خلال العهد المكي، ودليل هذا الأمر هو نزول قرابة التسعينسورة- من مجموع سور القرآن الكريم البالغةمائة و أربع و عشرة سورة- في مكّة، و قدتناولت هذه السور في الغالب الجوانبالعقائدية التربوية الخاصّة بإعدادالشخصية الإسلامية- أمّا في المدينة فقدانصرف المسلمون إلى‏